أحمد بن يحيى الذي معلوم معاصرته لمحمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم كثير بحيث لا يحتمل الاشتباه فيحتمل ان يكون التقييد بالقمي زيادة من النساخ أو يكون محمد بن إسماعيل بن بزيع قميا فانتقل إلى الكوفة أو بالعكس وهذا غير بعيد لكثرة نظائره وإذا بطل هذا الاحتمال أيضا ثبت كونه هو البرمكي على أن ما ذكرنا مؤيد بثلاثة أشياء أحدها قول الشيخ الجليل الأفضل الأكمل الأعلم بهاء الملة والدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي قدس سره في كتاب مشرق الشمسين بعد إقامة القرائن بأنه ليس ابن بزيع الثقة ولا المجاهيل الذين ذكرهم وقد أطبق علمائنا قدس الله أرواحهم على تصحيح ما يرويه الكليني عن محمد بن إسماعيل الذي فيه النزاع ولم يتردد في ذلك الا ابن داود لا غير واطباقهم هذا قرينة قوية على أنه ليس أحدا من أولئك الذين لم يوثقهم أحد من علماء الرجال فبقى الامر دائرا بين الزعفراني و البرمكي فإنهما ثقتان من أصحابنا لكن الزعفراني ممن لقي أصحاب الصادق عليه السلام كما نص عليه النجاشي فبعيد بقائه إلى عصر الكليني فيقوى الظن في جانب البرمكي فإنه مع كونه رازيا كالكليني فزمانه في غاية القرب من زمانه لان النجاشي يروى عن الكليني بواسطتين وعن محمد بن إسماعيل البرمكي بثلث وسايط و الكشي حيث إنه معاصر للكليني يروى عن البر مكي بواسطة وبدونها وأيضا فمحمد بن جعفر الأسدي المعروف بمحمد بن أبي عبد الله الذي كان معاصر البرمكي توفى قبل وفات الكليني بقرب من ستة عشر سنة فلم يبق مرية في قرب زمان الكليني من زمان البرمكي جدا واما روايته عنه في بعض الأوقات بتوسط الأسدي فغير قادح في المعاصرة فان الرواية عن الشيخ تارة بواسطة وأخرى بدونها امر شايع متعارف لا غرابة فيه والله أعلم بحقايق الأمور انتهى وثانيها انه بعيد غاية البعد ان يروى الكليني رحمه الله تعالى أحاديث كثيره غاية الكثرة عن شخص مجهول الحال غير ثقة أو ضعيف غير معتبر فلابد ان يكون محمد بن إسماعيل هذا ثقة معتبرا عنده وعند غيره ولما لم يكن غير هذه الثلاثة ثقة يحتمل الرواية عنه ولم يمكن الرواية عن ابن بزيع والزعفراني فلابد ان يكون محمد بن إسماعيل هو البرمكي وثالثها قول الكليني رحمه الله تعالى في (في) في باب النبيذ من أبواب الأشربة محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم ومحمد بن إسماعيل ومحمد بن جعفر أبو العباس الكوفي عن محمد بن خالد جميعا عن سيف بن عميرة فإنه روى فيه بدون الواسطة عن محمد بن إسماعيل ومحمد بن جعفر أبى العباس الكوفي الذي هو محمد بن جعفر الأسدي المعروف بمحمد بن أبي عبد الله الذي روى الكليني كثيرا بواسطته عن محمد بن إسماعيل البرمكي على ما أشرنا إليه آنفا فمحمد بن جعفر المذكور كان راويا لمحمد بن إسماعيل البرمكي ومعاصرا له لا لغيره فجمعهما في الرواية عنهما كالتصريح بأنه البرمكي وهذا قرينة قوية فلا تغفل وبعد هذه المراتب ان قال قائل يحتمل أيضا النيسابوري وغيره فلنا كما يحتمل هو وغيره يحتمل البرمكي أيضا لكن احتماله احتمال مع المرجح وهو معلومية قرب الزمان واطباق العلماء رضوان الله عليهم ورواية الكليني رحمه الله تعالى بغير الواسطة عن محمد بن إسماعيل ومحمد بن جعفر معا وغيرها من المرجحات فان رجحناه كان ترجيحا مع المرجح فان رجحنا غيره كان ترجيحا للمرجوح وهو محال وان توقفنا عطلنا حكما
(٧٣)