اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٨٤٦
واعلموا أن من يبخل فإنما يبخل على نفسه، وأن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه، لا اله الا هو، ولقد طالت المخاطبة فيما بيننا وبينكم فيما هو لكم وعليكم، ولولا ما يجب من تمام النعمة من الله عز وجل عليكم: لما أريتكم لي خطا ولا سمعتم مني حرفا من بعد الماضي عليه السلام، أنتم في غفلة عما إليه معادكم، ومن بعد الثاني رسولي وما ناله منكم حين أكرمه الله بمصيره إليكم، ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبده، وفقه الله لمرضاته، وأعانه على طاعته، وكتابي الذي حمله محمد بن موسى النيسابوري، والله المستعان على كل حال.
واني أراكم تفرطون في جنب الله فتكونون من الخاسرين، فبعدا وسحقا لمن رغب عن طاعة الله ولم يقبل مواعظ أوليائه، وقد أمركم الله جل وعلا بطاعته، لا اله الا هو، وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وبطاعة أولي الامر عليهم السلام، فرحم الله ضعفكم وقلة صبركم عما أمامكم.
فما أغر الانسان بربه الكريم، واستجاب الله دعائي فيكم وأصلح أموركم على يدي، فقد قال الله جل جلاله " يوم ندعو كل أناس بامامهم " (1) وقال جل جلاله " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " (2) وقال الله جل جلاله " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " (3).
فما أحب أن يدعوا الله جل جلاله بي ولا بمن هو في امامي الا حسب رقتي عليكم، وما انطوى لكم عليه من حب بلوغ الأمل في الدارين جميعا، والكينونة معنا في الدنيا والآخرة.
فقد يا إسحاق يرحمك الله ويرحم من هو وراءك بينت لك بيانا وفسرت لك تفسيرا، وفعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الامر قط ولم يدخل فيه طرفة عين، ولو

(١) سورة الإسراء: ٧١ 2) سورة البقرة: 143 3) سورة آل عمران: 110
(٨٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 841 842 843 844 845 846 847 848 849 850 851 ... » »»
الفهرست