اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٨١٩
بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا، وبها قوم يقولون أن النبي صلى الله عليه وآله عرف جميع لغات أهل الأرض ولغات الطيور وجميع ما خلق الله، وكذلك لابد أن يكون في كل زمان من يعرف ذلك، ويعلم ما يضمر الانسان، ويعلم ما يعمل أهل كل بلاد في بلادهم ومنازلهم، وإذا لقى طفلين يعلم أيهما مؤمن وأيهما يكون منافقا، وأنه يعرف أسماء جميع من يتولاه في الدنيا وأسماء آبائهم، وإذا رأى أحدهم عرفه باسمه من قبل أن يكلمه.
ويزعمون جعلت فداك أن الوحي لا ينقطع، والنبي صلى الله عليه وآله لم يكن عنده كمال العلم ولا كان عند أحد من بعد، وإذا حدث الشئ في أي زمان كان ولم يكن علم ذلك عند صاحب الزمان: أوحى الله إليه واليهم.
فقال: كذبوا لعنهم الله وافتروا اثما عظيما.
وبها شيخ يقال له الفضل بن شاذان، يخالفهم في هذه الأشياء وينكر عليهم أكثرها، وقوله: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وأن الله عز وجل، في السماء السابعة فوق العرش، كما وصف نفسه عز وجل وأنه جسم، فوصفه بخلاف المخلوقين في جميع المعاني، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
وأن من قوله: أن النبي صلى الله عليه وآله قد أتى بكمال الدين، وقد بلغ عن الله عز وجل ما أمره به، وجاهد في سبيله وعبده حتى أتاه اليقين، وأنه صلى الله عليه وآله أقام رجلا يقوم مقامه من بعده، فعلمه من العلم الذي أوحى الله إليه، يعرف ذلك الرجل الذي عنده من العلم الحلال والحرام وتأويل الكتاب وفصل الخطاب. وكذلك في كل زمان لابد من أن يكون واحد يعرف هذا، وهو ميراث من رسول الله صلى الله عليه وآله يتوارثونه، وليس يعلم أحد منهم شيئا من أمر الدين الا بالعلم الذي ورثوه عن النبي صلى الله عليه وآله وهو ينكر الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال: قد صدق في بعض وكذب في بعض. وفي آخر الورقة: قد فهمنا رحمك الله كلما ذكرت، ويأبى الله عز وجل أن يرشد أحدكم وأن نرضى عنكم
(٨١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 814 815 816 817 818 819 820 821 822 823 824 ... » »»
الفهرست