الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٢٦
وقال بعضهم العلة في ذلك أنها كفارة عن ذنب.
قال أبو محمد وليس على قاتل الخطأ ذنب أصلا فبطل تعليلهم الفاسد وأيضا فهذه دعوى كالأولى لا دليل عليها وما الفرق بينهم وبين من قال إنما وجبت في القتل أن تكون الرقبة مؤمنة لأنها كفارة عن قتل فما عدا القتل فلا تجب فيه مؤمنة وهذا لا انفكاك منه فكل هذه دعوى لا دليل عليها ولا ينفكون ممن يبطل ما أثبتوا ويثبت ما أبطلوا واعلم أنه لا يمكن أحدا منهم أن يدعى علة في شئ من الاحكام الا أمكن لخصمه ان يأتي بعلة أخرى يدعى أن الحكم انما وجب لها وهذا ما لا مخلص لهم منه وبالله تعالى نعتصم.
فصل قال أبو محمد هذا كل ما شغبوا به قد بينا عواره ولاح اضمحلاله والحمد لله رب العالمين ونحن الآن بعون الله تعال وقوته لا إله إلا هو شارعون في إبطال القول بالعلل في شئ من الشرائع وبالله تعالى التوفيق.
فيقال لمن قال إن أحكام الشريعة انما هي لعلل.
أخبرونا عن هذه العلل التي تذكرون أهي من فعل الله تعالى وحكمه أم من فعل غيره وحكم غيره؟ أم لا من فعله تعالى ولا من فعل غيره؟
ولا سبيل إلى قسم رابع أصلا.
فإن قالوا من فعل غير الله ومن غير حكمه جعلوا ههنا خالقا غيره وفاعلا للحكم غيره وجعلوا فعل ذلك الفاعل موجبا عل الله تعالى أن يفعل ما فعل وأن يحكم بما حكم به وهذا شرك مجرد وكفر صريح وهم لا يقولون ذلك فإن قالوا ليست من فعله ولا من فعل غيره أوجبوا ان في العالم أشياء لا فاعل لها أو أنهم هم الحاكمون على الله تعالى بها وهم الذين يحللون ويحرمون ويقضون عل الباري عز وجل وهذا كفر مجرد ومذهب أهل الدهر وهم لا يقولون ذلك.
(١١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1121 1122 1123 1124 1125 1126 1127 1128 1129 1130 1131 ... » »»
الفهرست