الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٩٥
يحرم وليس ذلك على الأعجمي المسلم، ولا على الجارية المصونة للبيع، وله مثل ذلك في الفرق بين الشريعة والدنية في النكاح بغير الولي وهذا أشنع مما أنكروه من ترك القياس، لان هذا فرق بين الناس فأين هذا مما استعملوه من التسوية بين الزاني والقتل في جلد مائة وتغريب عام؟ وبين الصداق والقطع في السرقة؟
وبين المستحاضة والمصراة؟ وهل في التخليط أكثر من هذا؟.
وفرقوا - أو أكثرهم - بين صوم المرء عن غيره وحجه عنه، فلم يروا ذلك ولم يقيسوه على الصدقة عنه والعتق عنه واحتجوا في ذلك ب‍ * (أن ليس للانسان إلا ما سعى) * وهذا إن منعت من الصيام منعت من الصدقة ولا فرق ثم لم يقيسوا وصيته بالحج على وصيته بالصوم.
ولم يقس بعضهم من وقف بعرفة قبل غروب الشمس، ثم دفع منها ولم يعد إليها تلك الليلة فقالوا: بطل حجه على من يقف بمزدلفة حتى طلعت الشمس من يوم النحر.
ولم يقس بعضهم من لم يدفع عن عرفة مع الامام، في إباحة الجمع له بمزدلفة، على من لم يدرك الصلاة بعرفة مع الامام، في إباحتهم له الجمع بين الصلاتين بعرفة، وقاس بعضهم قصر أهل منى بعرفة، وأهل عرفة بمنى، على قصر أهل مكة بمنى وعرفة، ولم يقيسوا على ذلك في سائر البلاد وقاس بعضهم كل ذلك في سائر البلاد.
وقاس بعضهم الهدي على الأضحية فيما يجزي منها، ولم يقسه عليها في الذبح والنحر قبل الامام، فأي ذلك يجزئ قبل الامام في الهدي ولا يجزئه في الأضحية، وقاس غيره منهم بعض ذلك على بعض في الإباحة.
ولم يقس بعضهم الأعمى في وجوب الحج عليه على المقعد في سقوط الحج عنه وقاسه بعضهم عليه.
وقال بعضهم سكان ذي الحليفة وهم على نحو مائتي ميل وخمسين ميلا من مكة، على سكان يلملم، وهو على نحو ثلاثين ميلا من مكة إنها لا هدي عليهما إن تمتعا، ولم يقسم على ما بينهم وبين مكة كالذي بينهم وبينها، ولم يقس
(١٠٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1090 1091 1092 1093 1094 1095 1096 1097 1098 1099 1100 ... » »»
الفهرست