الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٩٣
وقال بعضهم: إنما القياس على التشابه، لا على عدم التشابه.
قال أبو محمد: وكل هذا تحكم كما ترى، ولا دليل.
ولم يقس بعضهم من أفطر عمدا في قضاء رمضان - وهو فرض - في وجوب الكفارة عليه على إفطاره عمدا في رمضان، وكلاهما فرض، وقد أوجب ذلك عليهما بعض السلف.
وأوجب الكفارة على المظاهر من زوجته، وعلى المرأة الموطوءة في رمضان طائعة، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم أمرها فلم يوجب عليها شيئا، ولم يقيسوا المرأة المظاهرة من زوجها في إيجاب الكفارة عليها على المظاهر، ولا على المرأة الموطوءة، وقد أوجب الكفارة على المرأة المظاهرة من زوجها جمهور من السلف ومن بعدهم، وقاسوا الاكل عمدا في رمضان، في إيجاب الكفارة عليه، على الواطئ في رمضان عمدا. ولم يقيسوا على ذلك مفسد صلاته عمدا، والصلاة أعظم حرمة من الصوم.
ومن طرائف بعضهم إيجابه قياس من أفطر ناسيا في رمضان على من أفطر عمدا، في إيجاب القضاء عليهما، ولم يقسه عليه في إيجاب الكفارة عليهما، نعم، ولم يقس الاكل ناسيا على المتقيئ ناسيا أو مغلوبا، فأسقط على هذا ولم يسقطه عن الآخر.
وفرق بعضهم بين أحكام النيات ولم يقس بعضها على بعض فأجاز بعضهم الطهارات بلا نية، ولم يجز الصلاة إلا بالنية، وبعضهم لم يجز الطهارات إلا بنية وأجاز الصوم في الواجبات بلا نية محدثة لكل يوم منه، وبعضهم أوجب النية في كل ذلك، ولم يوجبها في أعمال الحج.
وأما تناقضهم في أعمال الحج فأكثر من أن يجمع في سفر وذلك فيما أوجبوا فيه الفدية، وما أسقطوها فيه، ولم يقيسوا بعض ذلك على بعض.
وأيضا فإن بعضهم قال: من طرح القراد عن نفسه لم يطعم، فإن طرحه عن بعيره أطعم، ولم يقس أحدهما على الآخر.
ولم يقس بعضهم إباحة قتل الفأرة وإن لم تؤذه، على نهيه عن قتل الغراب والحدأة إن لم تؤذياه.
(١٠٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1088 1089 1090 1091 1092 1093 1094 1095 1096 1097 1098 ... » »»
الفهرست