الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٩٢
ثم قاسوا بعضهم على بعض في وجوب القضاء عليهم، حاشا الكافر يسلم، فلم يقيسوه عليهم في وجوب القضاء. وقاسه بعضهم عليهم، فأوجبوا عليه القضاء.
وأطرف من هذا قياس بعضهم من غلبته ذبابة فدخلت حلقه، على الاكل عمدا في إيجاب القضاء فقط عليه، ولم يقس على ذلك من أخرج بلسانه من بين أسنانه الجريدة - ولعلها من مقدار الذبابة - فيبلعها عمدا في نهار رمضان.
فقالوا: صومه تام ولا قضاء عليه.
وقاس بعضهم: المجنون على الحائض في إيجاب قضاء رمضان عليهما، ولم يقيسوه عليها في وجوب الحدود عليها.
وقاس بعضهم من لمس عمدا فأمنى على المجامع عمدا في القضاء والكفارة، ولم يقس من استعط عمدا فوجد طعم ذلك في حلقه على الاكل عمدا لم يوجب فيه كفارة.
وقاس بعضهم المغمى عليه في رمضان على المريض في إيجاب القضاء عليه، ولم يقسه عليه في إيجاب قضاء ما ترك من الصلوات عليه وقاسه بعضهم في إيجاب الصلوات.
وأوجب بعضهم على من أكره امرأته على الجماع في نهار رمضان أن يكفر عنها فيصوم عنها ولم يقس على ذلك إيجاب الصوم على من مات وعليه صوم.
وقاس بعضهم الاكل عمدا في نهار رمضان على الواطئ عمدا في نهار رمضان وأوجب عليهما الكفارة، ولم يقيسوه على المتقيئ عمدا في نهار رمضان في إسقاط الكفارة عنه، وقياس الاكل على القئ أولى من قياسه على الوطئ، وقاسه بعضهم على المتقيئ فيما ذكرنا.
وفرقوا بين الواطئ والآكل بأن قالوا: الوطء يوجب أحكام لا يوجبها الاكل، فالوطء يوجب الغسل والحد والصداق، ولا يوجب شيئا من ذلك الاكل ولا الشرب، والاكل يوجب الغرامة، ولا يوجبها الوطئ، والاكل من مال الصديق مباح، ولا يجوز وطئ ملكه، فقاسوا ترك الكفارة في الاكل على هذه الفروق.
(١٠٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1087 1088 1089 1090 1091 1092 1093 1094 1095 1096 1097 ... » »»
الفهرست