واحدا لكان المتبادر منهما شيئا واحدا وهو خلاف الوجدان فالحق ان الحرف موضوع المربط والنسبة بين المنتسبين فكما أن كلمة (زيد) و (السطح) في زيد على السطح تحكيان عن الجسمين الخارجين فكذلك كلمة (على) في المثال تحكى عن الربط والنسبة بينهما وهي النسبة بين المستعلى والمستعلى عليه وكما أن كلمة (السير) و (البصرة) و (الكوفة) في سرت من البصرة إلى الكوفة تحكى عن تلك المفاهيم المستقلة في حد ذاتها فكذلك كلمة (من) وكلمة (إلى) في المثال تحكيان عن الربط والنسبة بين تلك المفاهيم وهي النسبة بين المبتداء والمبتداء منه والمنتهى والمنتهى إليه (وبالجملة) الأسماء تتكفل أداء تلك المعاني المستقلة الغير المرتبطة بعضها ببعض والحروف تتكفل أداء ذلك الربط الخاص والنسب الكائنة بينها (ودعوى) أن الحروف معانيها إيجادية والا لكانت اخطارية فتكون هناك معاني متعددة اخطارية فما الرابط بينهما (ضعيفة) جدا فان الأخطارية مما لا تنافي الرابطية ففي مثل زيد على السطح كل من لفظة (زيد) و (السطح) و (على) معناه إخطاري حاك عن شيء مخصوص لا موجد لشيء خاص غير أن الأولين يحكيان عن الجسمين المخصوصين والأخير يحكى عن ذلك الربط الخاص الحاصل بينهما وهو كون أحدهما فوق والآخر تحته (ومثلها) في الضعف دعوى أن الحروف موجدة للربط الكلامي بين المعاني فإنها لو كانت موجدة لذلك فما الحاكي عن ذلك الربط الخارجي الواقع بين تلك المعاني وهذا بخلاف ما إذا قلنا أن الحروف حاكية عن ذلك الربط الخارجي فبحكايتها عنه يحصل الربط الكلامي أيضا فان الكلام المربوط بعضها ببعض ليس الا ما كان حاكيا عن المعاني المرتبطة في الخارج بعضها ببعض وهذا واضح.
(قوله كثيرا ما لا يكون المستعمل فيه فيها كذلك... إلخ) وجه