محل الكلام في المقام من انحفاظ مرتبة الحكم الظاهري وعدمه المترتب عليهما جريان الأصل وعدمه لا ربط له بالبحث عن تقيد الأحكام الواقعية بنتيجة التقييد بصورة العلم التفصيلي بها بل لابد وأن يكون عدم التقييد في محل البحث مفروغا عنه وان جريان الأصول لا يوجب تبدلا في الواقع أصلا لا تصويبا ولا تقييدا وبعبارة أخرى محل الكلام في المقام إنما هو امكان الجعل الظاهري في طول الواقعي المفروغ عن وجوده والبحث متمحض في الجهة العقلية وانه مع وجود العلم الاجمالي هل يكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة فتجري الأصول الجارية في مرحلة الاشتغال أم لا (واما) توهم ان مقتضى أدلة الأصول هو اختصاص الأحكام الواقعية بالعلم بها فهو مع سخافته خارج عما هو محل البحث في المقام إذا عرفت ذلك فنقول ان أقسام الشك في المكلف به وإن كانت كثيرة من جهة ان الترديد (تارة) يكون في نفس الخطاب (واخرى) يكون في متعلقه (وثالثة) في موضوعه (ورابعة) من الجهتين أو الجهات والشبهة (تارة) تكون وجوبية (واخرى) تحريمية الا ان المهم في هذا المبحث هي الشبهة التحريمية لعدم خلاف معتد به في الوجوبية كما أن المهم من الشبهة التحريمية هي الموضوعية منها لكثرة جهات البحث فيها كما سيأتي فلذلك نقدم البحث عنها ثم نعقبها بالبحث عن بقية المسائل فنقول: إن الحرام المردد اما أن يكون مرددا بين أطراف محصورة أو غير محصورة فهنا مقامان (الأول) في الشبهة المحصورة (والثاني) في الشبهة الغير المحصورة (اما) المقام الأول ففيه أقوال ثالثها التفصيل بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية فيحرم الأولى ولا يجب الثانية ومرجع هذا القول إلى تجويز جريان الأصل في بعض الأطراف دون بعض والحق هو تنجيز العلم الاجمالي من الجهتين فلنا دعويان (الأولى) حرمة المخالفة القطعية (الثانية) وجوب الموافقة القطعية اما الدعوى الأولى فتتضح بعد بيان ما يمكن ان يستدل به للخصم القائل بجواز المخالفة القطعية فنقول ان غاية ما يمكن ان يستدل له هو ان يقال إنه لا اشكال في أن المعتبر في جريان أي امارة أو أصل تنزيلي أو غير تنزيلي أن يكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة وإلا فلا مورد لشئ منها والمدار في انحفاظ المرتبة في الامارات أو الأصول التنزيلية هو عدم لزوم المناقضة من التعبد بهما للواقع بأن لا يكون مؤدى الامارة أو مفاد الأصل مناقضا لما هو المعلوم ثبوته في موردهما وإلا فلا مجال للجعل الظاهري بعد ما عرفت انه لا يوجب تبدلا في الواقع أصلا لا تصويبا ولا تقييدا واما المدار في انحفاظ المرتبة في غير الأصول التنزيلية فليس إلا عدم لزوم الترخيص
(٢٣٩)