الشهر فقد علمت بتحقق الملاك الملزم في ظرفه وقد ذكرنا عند البحث عن المقدمات المفوتة ان العقل لا يجوز تفويت الملاك الملزم ولو لم يكن معه خطاب فعلي لتأخر ظرفه وحينئذ فلا بد من الاحتياط تحفظا على الملاك الملزم المعلوم في الجملة في ضمن الشهر بل لان كل واقعة من تلك الوقائع المتكررة واقعة برأسها لم يعلم فيها الملاك الملزم لا بالنسبة إلى طرف الفعل ولا بالنسبة إلى طرف الترك فعند الواقعة الأولى ليس المعلوم إلا الالزام المردد بين الوجوب والترك وكذلك الواقعة الثانية والثالثة وهكذا فليس هناك خطاب معلوم قابل للداعوية ولا ملاك محرز في طرف الفعل أو الترك غاية الأمر حصول العلم بالمخالفة عند اختيار المكلف في الواقعة الثانية غير مختارة في الواقعة الأولى وهذا لا اثر له بعد عدم سبق منجز على المخالفة وبالجملة التكليف المردد بين الوجوب والحرمة حيث كان انحلاليا بتعدد موضوعه في الخارج فكل موضوع له حكم مستقل مغاير للحكم الثابت لموضوع آخر ومن المفروض ان كل حكم من تلك الأحكام مردد بين الوجوب والحرمة وحكمه التخيير العقلي الناشئ من حكمه باستحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما وضم بعضها إلى بعض لا يوجب العلم بتكليف منجز على كل تقدير أو وجود ملاك ملزم كذلك فحال تكرر الوقائع في كونه محكوما بالتخيير حال الواقعة الواحدة بعينها هذا كله بالنسبة إلى الوقائع المتعددة التدريجية واما بالنسبة إلى الواقعة المتكررة الدفعية كما إذا حلف على ترك وطئ إحدى زوجتيه وفعل الأخرى في ليلة معينة ثم اشتبهتا فدار الامر بين الوجوب والحرمة في كل منهما فهل يحكم العقل بالتخيير في كل منهما ولو لزم منه المخالفة القطعية بأن يختار فعلهما أو تركهما أو يجب ان يختار في كل منهما خلاف ما يختاره في الأخرى حذرا من لزوم المخالفة القطعية الأقوى هو الثاني فانا قد ذكرنا مرارا أن للإطاعة مرتبتين إحداهما وجوب الموافقة القطعية والثانية حرمة المخالفة القطعية وسقوط المرتبة الأولى منها لا يوجب سقوط المرتبة الثانية والموافقة القطعية في المقام وان لم تكن ممكنة لدوران الامر في كل منهما بين الوجوب والحرمة إلا أن المخالفة القطعية بفعلهما أو تركهما ممكنة يستقل العقل بقبحها وبعبارة أخرى إذا دار الامر بين الموافقة الاحتمالية والمخالفة القطعية فلا ريب في استقلال العقل بتعين الأول وإن كانت المخالفة القطعية من جهة مستلزمة للموافقة القطعية من جهة أخرى أيضا والسر فيما ذكرنا هو ان الامر في كل من الزوجتين وإن كان دائرا بين المحذورين والعلم والاجمالي في كل منهما بالالزام المردد بين الوجوب والحرمة لا اثر له إلا أن هناك علم ثالث بوجوب وطئ
(٢٣٥)