وهكذا الامر إذا كان الحرمة المحتملة تعبدية ومن ذلك يظهر انه إذا علم شرطية أحد الضدين للواجب كما إذا دار الامر بين وجوب الجهر والاخفات في القراءة أو علم شرطية شئ أو مانعيته فلا مجال للحكم بالتخيير لامكان الموافقة القطعية بتكرار القراءة في الصورة الأولى وتكرار الواجب في الثانية ومعه لا مجال للحكم بالتخيير بل يجب تحصيل الموافقة القطعية كما هو ظاهر * (المبحث الثالث) * فيما إذا علم التكليف في الجملة وأمكن الاحتياط وقبل الشروع في المقصود لابد من تقديم مقدمات (الأولى) في بيان ضابط الشك في المكلف به في قبال الشك في التكليف وقد بينا مرارا ان الأحكام الشرعية المجعولة من قبيل القضايا الحقيقية التي يكون الموضوع فيها مقدر الوجود فثبوت كل حكم فرع ثبوت موضوعه خارجا وتنجزه على المكلف فرع العلم بجعل الكبرى الكلية والعلم بانطباقها على صغريها خارجا ضرورة انه مع الجهل بإحداهما لا يكون هناك علم بالتكليف المتوجه إليه فيكون الشك في نفس التكليف وقد مر تفصيل ذلك عند البحث عن الشبهة الموضوعية (ومن هنا) يعلم أن ضابط الشك في المكلف به مع العلم بالتكليف هو أن يكون الكبرى المجعولة وصغريها معلومتين عند المكلف ولكن كان الشك في تحقق الفعل أو الترك الاختياريين المطلوبين من المكلف وهذا على قسمين إذ الشك تارة يكون من جهة الشك في الامتثال ابتداء سواء كان الشك في أصل الاتيان بالفعل أو الترك أو في انطباق المأمور به أو المنهي عنه بالمأتي به أو المتروك خارجا أو في تحققهما من جهة الشك في المحصل وهذا القسم لا اشكال فيه انه مورد لقاعدة الاشتغال دون البراءة واخرى من جهة كون الشك ناشئا عن تردد المطلوب وتعينه بخصوصه سواء كان من جهة الترديد في خصوصية التكليف وانه ايجاب شئ أو حرمة غيره أو في متعلق التكليف مع العلم بنوعه تفصيلا كما في مثال الظهر والجمعة أو كان الترديد باعتبار تردد الموضوع بين شيئين أو أشياء والشبهة في الأولين حكمية وفي الثالث موضوعية والجامع بين الكل هو العلم بجنس التكليف وكون الشك راجعا إلى ما هو المكلف به بخصوصه وحيث إن في هذا القسم حيثيتين إحداهما حيثية رجوع الشك إلى مرحلة الامتثال مع العلم بالتكليف وثانيتهما حيثية الجهل بالتكليف في خصوص كل من الأطراف فلذا وقع البحث في جريان الأصول وعدمه وبالجملة ضابط الشك في المكلف به هو أن يكون هناك علم تفصيلي متعلق بجامع الالزام مشوب بجهل تفصيلي في خصوص الأطراف ولازم ذلك تشكيل قضية منفصلة مانعة الخلو كما يقال هذا أو ذاك واجب ومرجعه إلى وجود
(٢٣٧)