احكام تكليفية غير الأحكام الواقعية حتى يتحقق المضادة بينهما فكما لا موجب لتوهم المضادة في صورة تخلف العلوم الوجدانية وخطأها فكذلك لا موجب لتوهمها في صورة مخالفة الامارات ولا فرق بينهما إلا في أن الامارات محرزة للواقع بحكم الشارع والعلوم الوجدانية محرزة لها تكوينا وهذا لا يكون فارقا فيما هو المهم في المقام كما هو ظاهر (وبالجملة) الاشكال إنما يتوجه على من ذهب إلى عدم استقلال الحجية بالمجعولية وإنما هي تنتزع في الحكم التكليفي وبعد البناء على كونها بنفسها قابلة للجعل من دون أن يكون في موردها حكم تكليفي غير الأحكام الواقعية يندفع الاشكال ويكون انتفاء التضاد بين الحكم الواقعي والظاهري من باب السالبة بانتفاء الموضوع ومما ذكرناه من أن المجعول في باب الامارات إنما هي نفس صفة المحرزية والوسطية في الاثبات وحالها حال العلم في أنها على تقدير المصادفة توجب تنجز الحكم الواقعي وصحة العقاب على مخالفته لكونه من الأحكام العقلية لوصول الحكم الفعلي وعلى تقدير المخالفة تكون معذرة للعبد في مخالفته للتكليف الواقعي يظهر لك فساد ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده) من كون المجعول نفس المنجزية والمعذرية من دون اعتبار صفة أخرى في البين فإن المنجزية والمعذرية من الأحكام العقلية الصرفة المترتبة على وصول الحكم وعدمه فمن دون اعتبار صفة المحرزية والوسطية في الاثبات كيف يمكن ترتبها على وجود الامارة ومع اعتبارها يكون ترتبها قهريا غير قابل للجعل الشرعي (تتميم) لا يخفى ان شيخنا العلامة الأنصاري (قده) وإن ذهب إلى كون الأحكام الوضعية مطلقا منتزعة من الأحكام التكليفية إلا أنه قد أشرنا سابقا إلى أن بعض الأحكام الوضعية وإن كان يمكن القول بانتزاعيته تصورا نظرا إلى وجود حكم تكليفي في مورده غير قابل الانفكاك عنه كما في اللزوم الملازم لوجوب الوفاء بالعقد فيمكن القول بكونه منتزعا من وجوب الوفاء بالعقد الشامل لما بعد الفسخ أيضا كما أفاده قدس سره في بحث الخيارات إلا أن بعضها الآخر مما لا يتطرق فيه هذا الاحتمال رأسا ومن هذا القبيل الحجية فان أي حكم تكليفي فرض في مورد الحجة الشرعية فلا محالة يكون ساقطا بالعصيان ولا يكون له اطلاق بالإضافة إليه ولازم ذلك أن يكون الحجية المنتزعة منه مرتفعة بسقوطه ضرورة ان كل أمر انتزاعي يدور مدار منشأ انتزاعه ومن الضروري ان الحجية لا تدور مدار إطاعة العبد ولا تسقط بعصيانه فالمكلف عمل بمقتضى الامارة أو لم يعمل بنى على كون مؤدى الامارة هو الواقع أو لم يبن تكون الامارة حجة في حقه فيستكشف من ذلك انها مجعولة
(٧٦)