فلا تصل النوبة إلى المعارضة أصلا * (التنبيه الرابع) * في بيان النسبة بين الاستصحاب والقرعة وسائر الأصول العملية أما القرعة فلا إشكال في تقدم الاستصحاب عليها سواء كان في الشبهات الحكمية أو الموضوعية أما الشبهات الحكمية فلان الرجوع إلى القرعة فيها مع قطع النظر عن كونه خلاف الضرورة ومن المضحكات إنما يصح فيما إذا تردد الواقع بين أمرين أو أمور لا فيما كان الترديد بين الوجود والعدم ففيما إذا دار الامر بين وجوب شئ وعدمه مثلا لا معنى للرجوع إلى القرعة في تعيين الاحتمال المصيب عن الآخر أصلا (ومنه يظهر) الحال في الشبهات الموضوعية التي يدور الامر فيها بين الاحتمالين في موضوع واحد سواء كان المورد الرجوع إلى الاستصحاب أو إصالة البراءة فالرجوع إلى القرعة ينحصر بالشبهات الموضوعية التي يدور الموضوع فيها بين أمرين أو أمور (وهل يختص) بما إذا كان له واقع مجهول كاشتباه الغنم الموطوء الذي أرسله الراعي في قطيع الغنم على ما ورد في الرواية (أو يعم) ما إذا لم يكن هناك واقع مجهول أيضا كما في موارد طلاق إحدى الزوجتين أو عتق أحد العبدين (ربما يقال) ان ظاهر قوله (ع) القرعة لكل أمر مشتبه هو الاختصاص ولكن ورود القرعة في بعض موارد عدم تحقق الواقع المجهول يعين الثاني فيرجع إليها في كلا الموردين لكن القرعة لما وردت عليها مخصصات كثيرة فلابد في العمل بها من انجبارها بعمل المعظم من الأصحاب كما تراهم يعملون بها في موارد اشتباه الموطوء في قطيع الغنم ولا يعملون بها في بقية موارد اشتباه الحرام بغيره والسر في ذلك ان كثرة التخصيص لما كانت مستهجنة فلا محالة يكشف ذلك عن تقييد الموضوع بقيد مجهول لنا يستكشف وجوده من عمل المعظم وقد مر نظير ذلك في قاعدة الميسور (ثم إنه لا ريب) في الانجبار إذا كان عمل المعظم واصلا إلى حد الاجماع وأما إذا لم يبلغ إليه ففي كفايته في الانجبار وعدمها اشكال (وكيف كان) فلا ينبغي الريب في عدم صحة الرجوع إلى القرعة مع وجود أصل حكمي أو موضوعي عقلي أو شرعي في المسألة ما لم يثبت العمل بها من المعظم وأما سائر الأصول العملية من البراءة والاحتياط والتخيير وقاعدتي الحل والطهارة فتقدم الاستصحاب عليها ظاهر فإن العقلية منها يرتفع موضوعها حقيقة بالتعبد الاستصحابي فيكون تقدمه عليها بالورود وأما الشرعية منها فلانها من الأصول الغير التنزيلية فيكون الاستصحاب المتكفل للتنزيل رافعا لموضوعها بثبوت المتعبد به شرعا فيكون حاكما عليها وقد مر
(٤٩٤)