بيان الفارق بين الورود والحكومة وسيجئ تفصيله إن شاء الله تعالى (وكيف كان) فلا ريب في تقدم الاستصحاب على تلك الأصول بأجمعها * (التنبيه الخامس) * في تعارض الاستصحابين قد تقدم منا سابقا ان تقدم الأصول بعضها على بعض (ربما) يكون بالورود (وربما) يكون بالحكومة (وثالثة) بالتخصيص اما الحكومة فهي في الغالب تنشأ من سببية أحد الشكين للآخر ويعتبر في تقدم الأصل الجاري في ناحية السبب على الأصل الجاري في ناحية المسبب زائدا على كون أحدهما معلولا ومسببا عن الآخر أمران آخران (الأول) أن تكون السببية شرعية بأن يكون أحد المشكوكين من الآثار الشرعية للمشكوك الآخر وإلا فلا يعقل أن يكون الجاري في ناحية السبب رافعا تشريعيا لموضوع الأصل الجاري في ناحية المسبب وهو ظاهر (الثاني) أن يكون الأصل السببي رافعا لموضوع الأصل المسببي فلو كان الترتب شرعيا ولكن لم يكن الأصل الجاري في السبب رافعا للشك في المسبب لما تحقق الحكومة كما إذا شك في جواز الصلاة في وبر حيوان مثلا من جهة الشك في حلية لحمه فإن الشك في جواز الصلاة فيه وعدمه وإن كان مسببا عن الشك في حلية لحمه وعدمه والترتب شرعي إلا أن إصالة الإباحة لا يرفع الشك في جواز الصلاة فإنه مترتب في الأدلة على العناوين المحللة كالغنم والبقر ونحوهما في قبال العناوين المحرمة كالأرنب ونحوه وأصالة الإباحة لا يحرز بها كون اللحم من الغنم ونحوه كما هو ظاهر (وبالجملة) إذا تحققت شرائط السببية فلا محالة يكون الأصل الجاري في السبب مقدما بالحكومة على الأصل الجاري في المسبب من دون فرق بين ان يكونا من جنس واحد أو من جنسين ولا بين ان يكونا تنزيليين أو يكون أحدهما تنزيليا والآخر غير تنزيلي فإذا كان الأصل المسببي تنزيليا والأصل السببي غير تنزيلي كما في الثوب المتنجس المغسول بماء مشكوك الطهارة والنجاسة كان الأصل الغير التنزيلي مقدما على التنزيلي ورافعا لموضوعه (وتوهم) عدم امكان الحكومة فيما إذا كان الأصلان فردين من جنس واحد كالاستصحاب مثلا فان الحكومة إنما تكون بنظر أحد الدليلين إلى توسعة موضوع الآخر أو تضييقه وهذا لا يعقل في دليل واحد كدليل الاستصحاب مثلا فإنه كيف يعقل أن يكون ناظرا إلى توسعة موضوع نفسه أو تضييقه (ناش) من خلط الحكومة الواقعية بالظاهرية فإن الحكومة إذا كانت واقعية كحكومة أدلة الغاء شك كثير الشك بالقياس إلى أدلة المشكوك فلا مناص عن تعدد الدليل حتى يكون أحدهما مخصصا للآخر لبا
(٤٩٥)