موضوع الشك وما به يكون أحدهما معارضا للآخر يكون الثاني معارضا له أيضا وهذا بخلاف الطرق فان تعاضد بعضها ببعض ربما يوجب القطع بالواقع فكثرتها توجب قوة في أحد الطرفين لا محالة (وأما الثاني) فلان الظن بثبوت الحكم في الواقع على طبق أحد الأصلين أجنبي عن مؤدى الأصل الذي هو الحكم على الشك فكيف يتحقق تقوية مؤدى أحد الأصلين المتعارضين بالظن بثبوت الحكم واقعا (فتحصل) ان مقتضى القاعدة عند تعارض الأصلين هو التساقط ليس إلا سواء قلنا بأن الترجيح أو التخيير في باب تعارض الاخبار على خلاف القاعدة أو على وفقها (إذا عرفت ذلك) فنقول أن التعارض بين الأصلين اما أن يكون من جهة العلم بالحكم المخالف لهما أو من جهة أخرى (وعلى الأول) فاما ان يلزم مخالفة عملية للتكليف المعلوم في البين من جريان الأصلين أولا فهناك أقسام (القسم الأول) ما إذا لزم من جريان الأصلين مخالفة عملية للتكليف المعلوم في البين ولا ريب في سقوط الأصلين حينئذ سواء كان الأصلان تنزيليين أو لا وقد بينا ذلك في بحث العلم الاجمالي مفصلا (والقسم الثاني) ما إذا لم يلزم من جريان الأصلين مخالفة عملية للتكليف المعلوم كما إذا علم بطهارة أحد الاناءين المعلوم نجاستهما سابقا وكما إذا علم بزوجية أحد الامرأتين من غير تعيين فإنه لا يلزم من جريان استصحاب النجاسة في الاناءين ومن الرجوع إلى الاحتياط في كل من المرأتين مخالفة للتكليف المعلوم أصلا والحق في هذا القسم التفصيل بين الأصول التنزيلية وغيرها وذلك لما بيناه في بحث العلم الاجمالي من أن الأصول التنزيلية من جهة كونها محرزة للواقع بمرتبة ولذا تقوم مقام القطع الطريقي لا تكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة فيها في أطراف العلم الاجمالي وهذا بخلاف الأصل الغير التنزيلي فإنه حيث ليس فيه نظر إلى الواقع أصلا بل هو حكم على الشك بما هو فلا مانع من جريانه في كل من أطراف العلم الاجمالي وقد ذكرنا توضيح ذلك في بحث العلم الاجمالي فراجع (والعجب) من العلامة الأنصاري (قده) حيث لم يعتمد في عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم بما ذكرناه من عدم انحفاظ الحكم الظاهري ووجود المانع في عالم الثبوت بل تمسك بالمانع الاثباتي وقصور أدلة الاستصحاب عن الشمول لأطراف العلم الاجمالي من جهة ان الشك في قوله (ع) (لا تنقض اليقين بالشك) وإن كان شاملا للشك البدوي والمقرون بالعلم الاجمالي إلا أن قوله (ع) (ولكن تنقضه بيقين آخر) يشمل اليقين الاجمالي فيكون دليل الاستصحاب بذلك مجملا من حيث الشمول لأطراف العلم الاجمالي
(٤٩٩)