الأحكام الوضعية منه كالحجية والطريقية ربما يلحق بالمستحيل فإن كل حكم تكليفي لا محالة يكون ساقطا في فرض العصيان مع أن الحجية لا تكاد تسقط به وقد ذكرنا بعض ما ينفع في المقام في بحث جعل الطرق فراجع (وبالجملة) الحكم الوضعي لا يغاير التكليفي في استقلاله بالجعل نعم بينهما فرق من جهة وهي ان الأحكام التكليفية تكون مجعولات استقلالية دائما وهذا بخلاف الوضعيات فإنها مجعولات عرفية وجعلها في الشريعة من جهة الامضاء ولم نعثر على حكم وضعي مجعول ابتدائي إلا أن ذلك أجنبي عما نحن فيه من كونها مجعولات استقلالية أو انتزاعية (ثم إنه قد ظهر) مما ذكرنا من أن الأحكام المجعولة في الشريعة لابد وأن تكون من قبيل القضايا الحقيقية المجعولة على موضوعاتها المقدرة وجوداتها أن الماهيات الجعلية لا تكون من الأحكام الوضعية كما أنه ليس منه اعطاء الولاية والقضاوة لشخص خاص في زمان الحضور إذ الجعل فيه ليس بنحو القضية الحقيقية كما هو ظاهر فيكون الحكم الوضعي عبارة عن كل مجعول تشريعي بنحو القضية الحقيقية غير الأحكام الخمسة التكليفية فتوهم اختصاصها بخصوص الجزئية والشرطية والمانعية أو بإضافة بعض اخر إليها بلا موجب (ثم إن ما ذكرناه) من كون الأحكام الوضعية كلها امضائية غير تأسيسية إنما هو بالقياس إلى أنفسها وأما بالقياس إلى موضوعاتها فقد تكون تأسيسية وقد تكون امضائية مثلا اعتبار الملكية بنفسه أمر امضائي ولكن اعتبار الفقير أو السيد موضوعا لها فهو تأسيسي لا امضائي إذ ليس من هذا الاعتبار عند العقلاء عين ولا اثر وهذا بخلاف الملكية في مورد البيع فان اعتبار البيع موضوعا للملكية كاعتبار نفس الملكية امضائي لا تأسيسي غاية الأمر تصرف الشارع فيه بإضافة قيد وجودي أو عدمي وهذا لا ينافي كون الاعتبار امضائيا كما هو ظاهر (الرابع) انا قد ذكرنا مرارا ان الحكم المجعول على نحو القضية الحقيقية يستحيل فعليته عند عدم فعلية موضوعه بتمام ما له من القيود المعتبرة فيه كما أنه يستحيل عدم فعليته مع وجود موضوعه كذلك وإلا لزم الخلف وكون ما فرض كونه موضوعا للحكم غير موضوع له في الفرضين وهذا ظاهر لا سترة فيه وعلى ذلك بنينا رجوع كل موضوع إلى الشرط وكل شرط إلى الموضوع الا انهم اصطلحوا على التعبير عن القيود المأخوذة في الأحكام التكليفية بالشرائط وعن القيود المأخوذة في باب الأحكام الوضعية بالأسباب فتراهم يعبرون عن الزوال بأنه شرط الوجوب وعن البيع بأنه سبب الملك وإلا فالبيع كالزوال ليس إلا موضوعا للحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية فالسبب للحكم الشرعي هو عين موضوعه
(٣٨٣)