الله فهي واردة في قضية خاصة خارجية وليس فيها اطلاق حتى يتمسك به فغاية الامر التعدي عن موردها إلى كل ما كان مشتركا معه في كون الشك في الرافع واما التعدي إلى موارد الشك في المقتضي فيحتاج إلى دليل آخر مفقود على الفرض (ثم إنه) بعد تنقيح الحال في مفاد الاخبار لا حاجة إلى بيان سائر الأقوال والنقض والابرام فيما ذكر لها من الاستدلال الا انه لا بأس بصرف الكلام إلى تحقيق حال الأحكام الوضعية وانها مجعولة بالاستقلال أو بالتبع أو غير قابلة للجعل أصلا أو ان فيها تفصيلا حتى يظهر الحال فيما ذكر في المقام من التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية (فنقول) ومن الله التوفيق ان تحقيق المقام يتوقف على تقديم مقدمات (الأولى) انا قد بينا مرارا ان الأحكام الشرعية انما هي من قبيل المحمولات الكلية المجعولة على موضوعاتها المقدر موجوداتها بنحو القضايا الحقيقية ولا ريب في صدور الجعل من الشارع وان الاحكام مجعولات تشريعية ولا يهمنا التكلم في اثبات الإرادة التشريعية للمبدأ تعالى أو للمبادئ النازلة بناء على عدمها في المبدأ الاعلى كما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية (قده) ولا في أن إرادة المبدأ الاعلى جلت عظمته تكوينية كانت أو تشريعية هل هي بمعنى العلم بالنظام الأصلح في الأولى وبالمصالح في الافعال في الثانية كما ذهب إليه جمهور الحكماء أم لا فإن انكار الإرادة في المبدأ الاعلى وجعلها بمعنى العلم انما نشأ من تخيل أن ثبوت الإرادة بمفهومها له تعالى يستلزم كونه محلا للحوادث والا فلم يقم برهان على ما صاروا إليه ولا على ما التجأوا إليه من تأويل الأحاديث الواردة المصرحة باثبات الإرادة الحادثة له سبحانه (والحاصل) ان الأحكام المجعولة في الشريعة انما هي مجعولة على طبق الإرادة التشريعية في عالم الظاهر ولها مرتبة عليا في مرتبة اللوح المحفوظ والاخبار المأثورة عنهم صلوات الله عليهم مصرحة بثبوت هذا الجعل وثبوت الإرادة التشريعية وبهذا الاعتبار يصح تقسيم الحكم إلى تكليفي ووضعي والا فالعلم بالمصلحة ليس الا علما بالمصلحة فلا تكليف ولا وضع (الثانية) ان الموجود اما أن يكون موجودا في العين أو في عالم الاعتبار وعلى كل منهما فاما أن يكون من الموجودات المتأصلة أو الانتزاعية فتكون الأقسام أربعة (الأول) الموجود المتأصل في العين كالجواهر والاعراض القائم بها التي بازائها شئ في الخارج وبهذا الاعتبار يطلق عليها المقولة حيث إنها تحمل على شئ في الخارج (الثاني) الموجود الانتزاعي في العين ونعني به ما لا يكون بازائه شئ في الخارج وانما يكون الوجود لمنشأ انتزاعه من دون فرق بين أن يكون الانتزاع
(٣٨١)