الحكم بالانفعال مع الشك في الكرية ليس من جهة قاعدة المقتضي والمانع الغير الثابت حجيتها ولا من جهة التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية المختار عدم جوازه بل لأجل ما ذكرناه من استفادة الحكم الطريقي من تعليق الحكم على عنوان وجودي ولكنه لا يخفى ان الكبرى المذكورة وإن كانت مسلمة عندنا إلا أنه لا يترتب عليها ما أفاده (قده) من الحاق المطعومات بالأموال والأنفس والاعراض حتى يكون مقتضى الأصل فيها هي الحرمة وذلك لان كون الطيب أمرا وجوديا ممنوع أولا بل لا يبعد أن يكون الطيب ما لا قذارة فيه كما أن الطاهر عبارة عما لا نجاسة فيه وعلى تقدير تسليمه فاستفادة الحكم الطريقي إنما يتم إذا لم يكن الحرمة معلقة على كون الشئ خبيثا أيضا ومعه لا مجال لاستفادة الحكم الطريقي في طرف الحلية بالخصوص ففي مورد الشك في كون الشئ طيبا أو خبيثا لا مناص عن الرجوع إلى أصالتي الحل والبراءة (ثم إنه) ربما يتمسك لأصالة الحرمة في خصوص اللحم باستصحاب الحرمة الثابتة قبل الذبح فيقال ان لحم الحيوان المشكوك حليته بالشبهة الحكمية أو الموضوعية كان محرما قبل ذبحه فيحكم ببقائها بعد الذبح كما يحكم ببقاء طهارته بعده أيضا ولكنه لا يخفى فساد ذلك فإن جريان الاستصحاب كما سيجئ في محله إن شاء الله تعالى مشروط ببقاء موضوعه والمرجع في ذلك هو فهم العرف لمناسبة الحكم والموضوع ففي مثل استصحاب الطهارة حيث يرى العرف انها من قبيل الاعراض الخارجية الثابتة للأجسام الخارجية من دون مدخلية عنوان فيكون الموضوع باقيا بعد موت الحيوان وذبحه فيصح استصحابها فإن الموضوع الثابت له الطهارة قبل خروج روحه هو بعينه باقي بعده بحكم فيحكم ببقائها ما لم يقطع بارتفاعها وهذا بخلاف الحرمة فإنها كانت ثابتة لما لم يخرج عنه الروح البخاري القائم بالدم الجاري في الأعصاب ومع خروج الدم الحامل للروح البخاري يتبدل الموضوع لا محالة فلا يكون مجرى للاستصحاب وبعبارة أخرى حرمة اللحم قبل الذبح إنما كانت ثابتة له بعنوان انه غير مذكى وهذا الموضوع قد ارتفع بوقوع التذكية عليه يقينا فلا يمكن استصحاب الحرمة الثابتة له بالعنوان المعلوم ارتفاعه وهذا نظير وجوب التقليد الثابت لعنوان المجتهد حيث إن عنوان الاجتهاد له موضوعية في ثبوت هذا الحكم فلا يمكن استصحابه بعد زوال اجتهاده ولو تنزلنا عن دعوى القطع بارتفاع الموضوع في محل الكلام فلا أقل من احتماله لاحتمال دخل الحياة في موضوع الحكم السابق فلا يصح اجراء الاستصحاب أيضا لاشتراطه باحراز بقاء الموضوع الغير المجتمع
(١٩٦)