أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
البراءة العقلية واخرى من حيث البراءة الشرعية وثالثة من جهة أصالة الحل اما الكلام من الجهة الأولى فربما يتوهم ان مقتضى حكم العقل فيها هو الاشتغال فإن حكم العقل بقبح العقاب يختص بصورة عدم البيان ومن المعلوم انه لا يصدق فيما إذا بين الشارع الحكم الكلي وكان الاشتباه من جهة الأمور الخارجية فإذا لم يستقل العقل بقبح العقاب فلا (محالة) يحكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل وتوضيح جواب هذا التوهم يحتاج إلى بسط في المقام فنقول (أولا) لفظ البيان لغة موضوع للظهور وهو مصدر لبان بمعنى ظهر واطلاقه على الكلام الصادر من المولى باعتبار ظهور مراده الواقعي به فما دام كان الحكم الشرعي مشكوكا ولو من جهة الأمور الخارجية فهو بلا بيان فيحكم العقل بقبح العقاب على مخالفته (وثانيا) ان حكم العقل بالقبح ليس مستفادا من دليل لفظي تابع لما يفهم منه عرفا حتى يدعى ان لفظ البيان ظاهر في معنى لا يصدق مع الشك في الحكم الشرعي في محل الكلام فلو سلم ظهور لفظ البيان في ذلك فلا بد من ملاحظة ملاك حكم العقل بالقبح وانه متحقق فيما هو محل الكلام أم لا وعليه لا بد من التكلم في أن مجرد العلم بالكبرى الكلية الشرعية كحرمة شرب الخمر مثلا هل يكفي في تنجز التكليف على المكلف ولو مع عدم احراز موضوعه الخارجي أو لا بد في تنجزه من العلم بالكبرى والصغرى معا ومع الجهل باحديهما يحكم العقل بقبح العقاب على مخالفة التكليف الواقعي فنقول ان الأحكام الشرعية على قسمين (منها) ما يكون متعلقا بفعل المكلف من دون تعلقه بموضوع خارجي كحرمة الكذب مثلا (ومنها) ما يتعلق متعلقه بموضوع خارجي كحرمة شرب الخمر فإن الحرمة وإن كانت متعلقة بالشرب الا ان الشرب على اطلاقه غير محرم بل خصوص ما كان منه متعلقا بالخمر مثلا (اما القسم الأول) فلا اشكال في أن المكلف بعد علمه بالكبرى الكلية وقدرته على امتثال التكليف وعلى عصيانه يتنجز عليه التكليف لأن المفروض عدم كون التكليف مشروطا بأمر آخر يتوقف فعليته فإذا كان التكليف الفعلي متنجزا بالعلم به فكلما شك المكلف في الخارج في تحقق متعلق التكليف فيرجع شكه إلى الشك في الامتثال بعد العلم بالاشتغال ومقتضى حكم العقل في مثله هو الاشتغال ليس الا واما القسم الثاني فهو ينقسم أيضا إلى قسمين (الأول) أن يكون الحكم متعلقا بصرف الوجود سواء كان الموضوع دخيلا في ملاك الحكم بحيث لو كان أمرا اختياريا أيضا لما أمر الشارع بايجاده كما في مثل أوفوا بالعقود ويجب الوفاء بالنذر وأمثالهما أو يكون دخيلا في الخطاب دون الملاك وانما لم يؤخذ في
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»