المستصحب في جريان الاستصحاب إذ هو مترتب على نفس الشك وعدم الاحراز فموضوعه محرز في ظرف الشك بالوجدان فيكون الحكم محرزا كذلك فيرجع احرازه بالتعبد الاستصحابي إلى تحصيل الحاصل بل إلى أردء أقسامه وهو تحصيل المحرز الوجداني بالأصل (فتحصل) عدم صحة التمسك باستصحاب عدم الحكم في المقام وان صح التمسك به في غيره من الموارد في الجملة كما سيجئ بيانه في بحث الاستصحاب مفصلا إن شاء الله تعالى واستدل الأخباريون بوجوه (منها) الآيات والاخبار الآمرة بالتقوى والجواب عنها انها انما تدل على حسن التقوى ارشادا إلى ما في نفسها من المصلحة ولا يترتب على مثل تلك الأوامر أمر زايد على ما في متعلقة ولا ريب ان ترك المشكوكات بل المكروهات بل المباحات موافق للتقوى ومما يستقل العقل بحسنه وأين ذلك من ثبوت الأمر المولوي بلزوم ترك ما يحتمل حرمته هذا مضافا إلى انها لو سلمت كونها مولوية ما تدل على أزيد من مطلوبية التقوى ورجحانها كما استدل بها الشهيد (قده) على مشروعية الاحتياط في قضاء ما يأتي بها من الصلوات المحتملة للفساد ولو كانت الأصول في مواردها مقتضية للصحة فلا تدل على وجوب الاحتياط فيما احتمل حرمته كما هو مدعى الأخباريين (ومنها) الآيات والأخبار الناهية عن ايقاع النفس في الهلكة (والجواب) عنها انه ليس في موارد احتمال الحرمة احتمال الهلكة كما تقدم بيانه في أدلة المذهب المختار فهي مختصة بموارد الشبهة المحصورة أو الشبهة قبل الفحص ولا تعم موارد الشبهة البدوية بعد الفحص كما هي محل الكلام بين الأصوليين والاخباريين (ومنها) اخبار التثليث الدالة على أن من اخذ بالشبهات وقع في المحرمات من حيث لا يعلم ودلالة هذه الأخبار تتوقف على أن يكون المراد من الوقوع في المحرمات هو الوقوع في المحرمات التي في موارد الشبهة والظاهر منها هو الوقوع في المحرمات المعلومة لأجل ان ارتكاب الشبهات يوجب وهن المحرمات وعدم الاعتناء بها فيقع الانسان فيها من حيث لا يعلم واما إذا كان المراد منه هو الوقوع في المحرمات التي في موارد الشبهة فهو ليس من حيث لا يعلم بل من حيث العلم بوجوب الاحتياط وعلى ذلك فيكون مفاد تلك الروايات أجنبية عن محل الكلام بالكلية ويكون مفادها مفاد قوله (ع) من حام حول الحمى يوشك ان يقع فيه وغيره من الأخبار الواردة بهذا المضمون وبالجملة الأخباريون استدلوا لوجوب الكف عن محتمل الحرمة بكل خبر مشتمل على لفظ التحرز والتوقف والاحتياط وليس لواحد منها دلالة على مدعاهم أصلا فالصفح عن التعرض لها وبيان عدم دلالتها وايكال
(١٩١)