كما يظهر من بعض الكلمات فإنه وإن كان متيقنا الا ان استصحابه لاثبات اتصاف الحيوان به الذي هو المأخوذ في الموضوع من الأصول المثبتة وقد ذكرنا توضيح ذلك في بحث العموم والخصوص وسيجئ في بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى (الثالث) أن جريان الاستصحاب في عدم التذكية يتوقف على أن يكون التذكية أمرا بسيطا مسببا عن الافعال الخارجية مع قابلية المحل نظير الطهارة الخبيثة المسببة من الغسل فإنها حينئذ تكون مسبوقة بالعدم قبل الذبح الخاص ومشكوكة الحصول بعده لأجل الشك في قابلية المحل لها فإذا لم يكن هناك عموم أو اطلاق مثبت للقابلية أو عدمها ولم يمكن اجراء الأصل في نفس القابلية أو عدمها لعدم ثبوت حالة سابقة متيقنة فلا محالة يجري أصالة عدم تحقق التذكية بفعل الذبح الخاص ويثبت بذلك نجاسة اللحم وحرمته ولا يبقى معه مجال للرجوع إلى أصالتي الحل والبراءة واما إذا لم يكن التذكية من قبيل المسببات التوليدية لعدم مساعدة فهم العرف على كونها كذلك بل لا يبعد أن يكون الروايات ظاهرة في أنها ليست إلا نفس فعل الذابح مع الشرائط الخاصة فقابلية المحل لها تكون خارجة عن حقيقتها وغير دخيلة في تحققها بل تكون دخيلة في تأثيرها في الحلية والطهارة وحينئذ فيرجع الشك في قابلية الحيوان للتذكية وعدمها إلى الشك في أن التذكية المعلوم تحققها اثرت في الطهارة والحيلة أم لا فيرجع إلى أصالة الحل والطهارة لعدم أصل موضوعي حاكم عليهما فإن التذكية بمعنى فعل الذابح مع الشرائط معلوم تحققها والقابلية لها لا تكون مجرى الأصل لعدم العلم بثبوت حالة سابقة على الشك فيها فتصل النوبة إلى أصالة الحل والطهارة ومن الغريب أن هذا الاحتمال مع كونه أقوى من احتمال كون التذكية أمرا بسيطا مترتبا على الافعال الخارجية لم يلتفت إليه العلامة الأنصاري قدس سره أصلا بل جعل محط كلامه ومورد نقضه وإبرامه هو الاحتمال الأول ليس إلا (الأمر الرابع) أن جريان أصالة عدم التذكية بناء على كونها أمرا بسيطا مترتبا على الافعال الخارجية يتوقف على الشك في قابلية المحل لها وأما مع احرازها فلا يكون الشك في الحلية والحرمة إلا موردا للبراءة ولا يخفى ان الشك في القابلية لها يختلف باختلاف الأقوال في قبول الحيوان للتذكية فإن قلنا بأن القبول للتذكية يختص بكل حيوان يؤكل لحمه كما ذهب إليه بعض فكل حيوان شك في حليته وحرمته يكون داخلا فيما شك في قبوله للتذكية فيكون موردا لأصالة عدمها وإن قلنا بأن السباع تقبل
(١٩٤)