الاجماع القائم على عدم الفرق بين الظنون المشكوك اعتبارها يوجب التعدي إلى غيرها فإنه إذا وجب العمل على طبق الظن المعارض لامارة ظن اعتبارها وجب العمل على طبق غير المعارض بطريق أولي (ثم) انا نعلم بوجود مقيدات ومخصصات للظنون المشكوك اعتبارها في ضمن الظنون الموهوم اعتبارها وبمثل البيان المتقدم يتعدى إلى كل ظن ظن عدم اعتباره أيضا فيجب العمل بمطلق الظن (ولا يخفى) ما في هذا الوجه من الفساد اما (أولا) فلان تقسيم الظنون إلى أقسام مع عدم وجود ظن موهوم الاعتبار فاسد ضرورة أن وجود الظن الموهوم الاعتبار فرع أن يكون هناك دليل دل على عدم حجية ظن بالخصوص ولكنه لا يكون مفيدا لغير الظن ومن المعلوم عدم وجود ذلك فإن الخبر الواحد قد فرض انه مظنون الاعتبار والشهرة والاجماع المنقول بناء على عدم دخوله في الخبر الواحد مشكوك الاعتبار والقياس وما يتبعه من الاستحسانات والاستقراءات الظنية والأولوية الظنية لو لم تدخل في الدلالة اللفظية مقطوع عدم اعتبارها نعم لو كانت الأولوية الظنية بحيث تدخل في الدلالة اللفظية لكانت من الظواهر المقطوع اعتبارها ففرض وجود ظن موهوم الاعتبار فرض غير واقع (وأما ثانيا) فلان دعوى العلم الاجمالي بوجود المخصصات والمقيدات في الظنون المشكوك أو الموهوم اعتبارها لا مدرك لها أصلا بعد ما أثبتناه من كفاية الخبر الصحيح القدمائي بالفقه المظنون اعتباره فلا موجب للتعدي أصلا (وأما ثالثا) فلان التعدي إلى مقدار من الظنون المشكوك أو الموهوم اعتبارها لأجل العلم الاجمالي بوجود التخصيص والتقييد غير موجب للتعدي إلى غير ذلك المقدار أصلا ودعوى الاجماع على عدم الفرق مع كون المدرك للرجوع إليها هو ما ذكرناه ممنوعة وكيف كان فالتمسك للتعميم بهذا الوجه ضعيف جدا (الوجه الثالث) من وجوه التعميم التمسك بقاعدة الاشتغال فإنه إذا ثبت وجوب العمل بالظن في الجملة فيجب العمل بمطلق الظن من باب الاحتياط (وفيه) أن متعلق الظن إن كان من الاحكام الالزامية فليس الاحتياط حينئذ إلا احتياطا في المسألة الفرعية وإن كان متعلقه من الاحكام الغير الالزامية فليس معنى الاحتياط حينئذ الا عدم جواز الاتيان بذاك الفعل المظنون اباحته بعنوان الوجوب كما أنه لا يجوز تركه بعنوان الحرمة ومن المعلوم أن هذا ليس احتياطا في المسألة الأصولية بل عدم جواز الاتيان بعنوان الوجوب أو الحرمة من آثار عدم احراز الوجوب أو الحرمة وقد ذكرنا سابقا انه بمجرد الشك في الحجية يترتب هذا الأثر لا محالة وكيف كان فلا نتعقل للاحتياط في المسألة الأصولية
(١٥٤)