(المسألة الثانية) في الشبهة الحكمية التحريمية لأجل إجمال النص، وهو قد يكون من جهة إجمال ما يدل على الحكم اما ذاتا كما لو قلنا باشتراك الصيغة في النهي بين الحرمة والكراهة، واما من جهة وجود القرائن الحافة بالكلام المانعة عن ظهوره في الحرمة كما في النهي عقيب توهم الوجوب، وقد يكون من جهة المتعلق، سوأ كان لأجل الشك في المراد منه مع العلم بوضعه كما إذا شك في شمول الخمر للخمر غير المسكرة ولم يكن في البين إطلاق يؤخذ به، أم لأجل الشك في نفس المفهوم من جهة الوضع مع العلم بكون المراد ما هو مدلول هذا اللفظ، كما في الغناء إذا قلنا بإجماله وتردده بين مطلق الصوت المطرب أو خصوص الصوت المطرب مع الترجيع، وكما في الفسق إذا قلنا بإجماله وتردده بين خصوص المرتكب للكبائر أو ما يعم المرتكب للصغائر (ثم إن) التردد في المتعلق (تارة) يكون بين الأقل والأكثر كالأمثلة المزبورة (وأخرى) يكون بين المتباينين كما لو دل الدليل على حرمة إكرام زيد وتردد بين شخصين (فهذه) صور الاجمال في المسألة، ولكن الحكم فيما عدى الصورة الأخيرة هي البراءة (وذلك) اما في صورة الاجمال في ناحية الدال على الحكم اما ذاتا واما من جهة احتفافه بما يصلح للقرينية فظاهر لكون الشك حينئذ في أصل التكليف التحريمي فيكون كصورة فقد النص فيجري فيه جميع ما ذكرناه من الأدلة الدالة على البراءة عقليها و نقليها (واما) في صورة إجمال المتعلق كمثال الغناء أو إجمال المراد منه فكذلك من جهة انتفاء العلم بالتكليف في الزائد عن المقدار المعلوم من غير فرق في ذلك بين ان يكون تعلق النهي على نحو الطبيعة السارية أو على نحو صرف الوجود فإنه في الجميع تجري البراءة في المشكوك ويحكم فيه بجواز الارتكاب (واما توهم) ان المطلوب في النهي بعد إن كان عبارة عن ترك صرف الطبيعي كان اللازم هو الاحتياط بترك المشكوك مقدمة لامتثال التكليف المعلوم في البين (فمدفوع) بان هذا الاشكال لو تم لكان ساريا في جميع موارد الأقل والأكثر الارتباطيين ولا يكون له اختصاص بالمقام و سيجئ دفعه بما لا مزيد عليه إن شاء الله تعالى (وحينئذ) يكون الحكم في جميع صور إجمال النص هي البراءة الا في فرض إجمال المتعلق وتردده بين المتباينين، فان المرجع فيه هي قاعدة
(٢٦٢)