العلم التعبدي بالواقع وبه يرتفع الشك المأخوذ في الأصول ولو تعبدا وتنزيلا فلا مجال لجريانها في قبال الامارة كي يقع بينهما التنافي (وهذا) هو الذي أفاده الشيخ قده سره في فرائده بقوله ان دليل الامارة وان لم يكن رافعا لموضوع الأصل كالدليل العلمي الا انه نزل شرعا منزلة الرافع فهو حاكم على الأصول لا مخصص له إلخ، إذ لا نعنى من الحكومة الا ما يكون رافعا لموضوع الاخر تعبدا و تنزيلا قبال الورود الذي عبارة عن رافعية أحد الدليلين بعناية التعبد به لموضوع الاخر وجدانا، في قبال التخصص الراجع إلى خروج فرد عن موضوع الاخر تكوينا بلا عناية تعبد في البين نظير خروج الجاهل عن موضوع العالم المحكوم بوجوب إكرامه (بل) لا اختصاص للحاكم بان يكون ناظرا إلى رفع موضوع الاخر وتضيق دائرته وانه ربما يكون شأنه التوسعة في دائرة موضوع الاخر كما لو ورد دليل على وجوب إكرام العالم وورود دليل اخر على أن زيد المشكوك عالميته عالم حيث إن الدليل الثاني بمدلوله اللفظي ناظر إلى توسعة موضوع وجوب الاكرام بما يشمل زيدا (ومن) ذلك باب الامارات بالقياس إلى الأدلة المأخوذة فيها العلم موضوعا للحكم تماما أو جز أو شرطا كقوله مقطوع الخمرية يحرم شربه أو ان شربه موجب للحد فان قيام الامارة على خمرية مائع مثلا يوجب بدليل اعتبارها المقتضى لتتميم كشفها توسعة في دائرة الموضوع المزبور و يثبت العلم التعبدي غير أن الحكومة في المثال الأول ظاهرية و في الثاني واقعية (ومن) هذه الجهة قلنا في أول الكتاب بقيام الامارات مقام القطع المأخوذ في الموضوع طريقا بنحو التمامية أو الجزئية أو الشرطية (كما) انه لذلك نلتزم أيضا بكفاية مجرد قيام الامارة على الحكم في جريان الاستصحاب بلا احتياج إلى اليقين الوجداني بالحكم السابق، فان الامارة بدليل اعتبارها يوسع دائرة اليقين الذي أخذ ركنا في الاستصحاب بما يعم اليقين التعبدي بلحاظ أثر حرمة النقض كما كانت الامارة المخالفة للحالة السابقة موجبة لكون النقض بها نقضا باليقين لا بالشك (ثم) ان هذا كله بناء على المختار في مفاد أدلة حجية الامارات من كونها بنحو تتميم الكشف و إثبات الاحراز التعبدي (واما) على القول بكونها في مقام تنزيل المؤدى منزلة الواقع محضا بلا نظر إلى حيث تتميم الكشف وإثبات الاحراز فيشكل حينئذ تقديمها
(١٩٦)