المؤمن والكافر عن تقصيره لا محالة في تحصيل المعرفة لتمكنه منها ولو في بعض الأزمنة الموجب لعدم معذوريته أيضا لدى العقل (فمدفوع) بأنه مع كونه خلاف مفروض البحث مخالف الوجدان حيث نرى قصور بعض الاشخاص وعدم تمكنه من تحصيل المعرفة ولو في زمان من الأزمنة (بقي الكلام) في أنه هل يعتبر في المعرفة بالواجب تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله من كونها حاصلة عن اجتهاد و نظر واستدلال (أو انه) يكفي مطلق المعرفة ولو كانت ناشئة من كثرة إلقاء الأبوين وغيرهما (فيه وجهان) ظاهر المحكي عن جماعة من أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم منهم العلامة قده (الأول) حيث اعتبر لزوم كون المعرفة بالله سبحانه وصفاته الثبوتية والسلبية عن اجتهاد منه ونظر واستدلال لا عن تقليد بل وادعى عليه إجماع العلماء (ولكن) الأقوى وفاقا للمعظم هو الثاني من كفاية مطلق المعرفة وعدم اعتبار كونها عن نظر واستدلال (لان) المقدار الذي دلت عليه الأدلة العقلية والنقلية انما هو مجرد المعرفة والتصديق و الاعتقاد، واما كونها عن اجتهاد ونظر واستدلال فلا، لقصور الأدلة عن إثباته وحينئذ فلو فرض حصول المعرفة والاعتقاد بالواجب تعالى ورسله من غير جهة النظر والاجتهاد (فلا) وجه لوجوب تبديلها عليه بالمعرفة الناشئة عن النظر والاستدلال (كيف) وان لازم القول بعدم كفاية مطلق الجزم والمعرفة هو الالتزام بكفر أكثر العوام بل كلهم الا ما شذ وندر مع أنه كما ترى خلاف ما جرت عليه سيرة العلماء قديما وحديثا بل سيرة الأئمة عليهم السلام (إذ) لم يسمع ان أحدا منهم أنكر على من لم يكن اعتقاده بالواجب تعالى و صفاته الثبوتية والسلبية عن اجتهاد ونظر وبرهان ولم يسند لو سئل عنه إلى حجة عقلية أو شرعية (بل) المعلوم من حالهم معاملتهم مع مثل هؤلاء معاملة المسلم من غير نكير منهم عليهم (هذا) مع أن النظر في البراهين أيضا قد لا يفيد الجزم بالواقع بلحاظ كثرة الشبهات الحادثة في النفس والمدونة في الكتب خصوصا الشيطان يغتنم الفرصة بوسوسته وتشكيكه في البديهيات وحينئذ فلا ينبغي الاشكال في كفاية مطلق الجزم والمعرفة ولو من التقليد وكثرة إلقاء الأبوين وغيرهما (نعم) لو أريد من التقليد مجرد الاعتماد على قول الغير تعبدا نظير التقليد في الفروع بلا حصول جزم في البين كان للمنع المزبور كمال مجال (ولكنه) خلاف مفروض الكلام لان الكلام انما هو في فرض حصول الجزم والاعتقاد من جهة كثرة إلقاء الأبوين وغيرهما ولو بضميمة بعض القرائن الدالة على الصدق (و هذا) هو الذي قلنا بكفايته وعدم لزوم كونه عن اجتهاد ونظر و استدلال (هذا) تمام الكلام في المقصد الثاني
(١٩٤)