بين القضايا التوصيفية في نحو قوله: أكرم زيدا الجائي، وبين القضايا الشرطية في نحو قوله:
أكرم زيدا ان جاءك، حيث نقول بدخول التقييد بالمجئ على الأول في الموضوع حيث كان الموضوع لوجوب الاكرام هو زيد المتقيد بالمجئ، بخلافه على الثاني حيث كان تمام الموضوع لوجوب الاكرام هو ذات زيد بلا أخذ جهة زائدة فيه في موضوعيته للحكم، وانما المجئ كان علة للحكم بوجوب إكرامه، وعلى ذلك فحيث انه كان الظاهر من القضايا الشرطية في مثل قوله: ان ظاهر فكفر وان أفطرت فكفر، هو كون الظهار والافطار من الجهات التعليلية لوجوب الكفارة لا من الجهات التقييدية للموضوع فلا جرم لا يبقى مجال أخذ الإضافات المزبورة في طرف الموضوع، وهو الكفارة، ومعه فلا يبقى مجال الحمل على تعدد الحقيقة واختلافها بمحض قابلية الجزاء لذلك، كما هو واضح، وعليه ففي نحو هذه القضايا لا بد من القول بعدم التداخل ولزوم الاتيان بالجزاء متعددا على حسب تعدد الشرط.
فتلخص مما ذكرنا ان لنا صورا ثلاثا: الأولى: ما تكرر الشرط واتحد الجزاء شخصا بحيث لم يكن قابلا للتكرر كما في القصر في قوله:
إذا خفي الاذان فقصر وإذا خفي الجدران فقصر، وقد عرفت انه لا بد فيه من التداخل في السبب ولزوم التصرف في عقد الشرط بأحد الوجودين المتقدمين، الثانية: ما لو تكرر الشرط ولكنه اتحد الجزاء سنخا لا شخصيا بحيث كان قابلا للتعدد وجودا، وقد عرفت رجوع القول بالتداخل المطلق في هذا القسم أيضا إلى التداخل في الأسباب وان التحقيق فيه هو عدم التداخل ولزوم الاتيان بالجزاء متعددا حسب تعدد الشرط، الثالثة: ما لو تعدد الشرط وتعدد الجزاء أيضا عنوانا وحقيقة وان اتحد صورة مع قابليتها للتصادق على وجود واحد، وقد عرفت رجوع التداخل في هذا القسم إلى التداخل في المسبب فارغا عن عدم التداخل في السبب واقتضاء كل سبب لجزاء مستقل وان التحقيق فيه هو التداخل عند التصادق وفي المجمع وجواز الاكتفاء بإيجاد واحد في المجمع وسقوط الامرين فيما لو كان الايجاد بداعيهما، وإلا فالساقط هو خصوص ما قصد الاتيان بداعيه لولا اقتضائه لا فنأ موضوع آخر - كما في غسل الجنابة - أو كون الاخر توصليا يسقط بمجرد الانطباق القهري ولولا عن قصد الامتثال فتدبر.
بقي الكلام فيما يقتضيه الأصل العملي عند الشك في التداخل وعدمه فنقول: قد عرفت ان الشك في التداخل وعدمه تارة يكون من جهة احتمال التداخل في الأسباب واحتمال