بقي التنبيه على أمور الأول:
انهم ذكروا ان المفهوم المصطلح انما هو انتفاء سنخ الحكم المعلق على الشئ شرطا كان أو وصفا أو غاية عند انتفاء ذلك الشئ لا انتفاء شخص الحكم، لان انتفاء شخص الحكم عند انتفاء موضوعه أو بعض قيوده عقلي، فلا يتمشى الكلام في مثل ذلك بان للقضية الشرطية دلالة على الانتفاء عند الانتفاء، ولا ربط له بالمفهوم المصطلح، وغرضهم من ذلك انما هو دفع ما ربما يورد عليهم من الاشكال في باب الوصايا والأقارير والأوقاف والنذر ونحو ذلك، بأنه كيف المجال لدعوى إنكار المفهوم مع أنه لا إشكال في دلالة هذه القضايا على الانتفاء عند الانتفاء، فدفعوا الاشكال بان الحكم المعلق في مثل هذه القضايا انما يكون حكما شخصيا لا سنخيا فمن ذلك لا يرتبط بالمفهوم المصطلح الذي هو معركة الآراء. ولكن نقول: بان هذا التفصي انما يتم فيما لو كان الوجه في إنكار المفهوم عند منكريه من جهة عقد الحمل في القضية: من دعوى عدم كون الحكم المعلق هو السنخ والطبيعة المطلقة بل هو الطبيعة المهملة، والا فإذا كان إنكارهم ذلك راجعا إلى طرف عقد وضع القضية، كما صنعه في الكفاية وغيرها، من حيث جعل مركز النزاع في طرف عقد الوضع ومنع اقتضاء القضية لانحصار العلة، فكان للاشكال كمال مجال كما بيناه سابقا، إذ يقال حينئذ بأنه كما أنه في موارد الحكم السنخي يحتمل وجود علة أخرى غير المذكور في القضية، ومن أجل هذا الاحتمال لا يحكم بانتفاء السنخ عند الانتفاء، كذلك في موارد شخص الحكم أيضا يحتمل فرد علة أخرى في البين بحيث كانت العلة للحكم الشخصي هو الجامع بينهما، ومعلوم انه حينئذ لا مجال للحكم بلزوم الانتفاء عند الانتفاء وجعل الانتفاء فيه عقليا كما هو واضح، فتأمل.
الأمر الثاني:
انه يعتبر في المفهوم في القضايا الشرطية بل الغائية والوصفية أيضا حفظ الموضوع في طرف المفهوم وتجريده عن خصوص الشرط في القضايا الشرطية وعن الوصف في الوصفية، ففي مثل قوله: ان جاء زيد يجب إكرامه، لا بد من حفظ زيد في طرف المفهوم وتجريده عن خصوص الشرط وهو المجئ، كي يكون الحاصل على المفهوم هو عدم وجوب إكرام زيد عند انتفاء المجئ، والا فمع عدم بقاء الموضوع عند انتفاء المنوط به لا يكون