المقصد الثاني في النواهي وفيه أيضا مباحث، المبحث الأول الظاهر أن مفاد الهيئة في النهي عبارة عن الزجر عن الطبيعة المعبر عنه بالفارسية ب (بازداشتن) قبال الامر الذي يكون مفاد الهيئة فيه عبارة عن البعث إلى الطبيعة والارسال نحوها، مع كون مفاد المادة فيهما عبارة عن صرف الطبيعة لكنه بما هي ملحوظ كونها خارجية لا بما هي هي ولا بما هي موجودة في الذهن كما عرفت بيانه مفصلا وبهذا الاعتبار - أي: اعتبار الطبيعة خارجية أيضا - صح إضافة كل منهما إلى الوجود بجعل الامر عبارة عن الارسال والبعث إلى الوجود والنهي عبارة عن الزجر عن الوجود، وإلا فمتعلقهما في الحقيقة لا يكون الا الطبيعة، كما تقدم بيانه. وعليه تكون الهيئة في كل من الأمر والنهي مغايرا مع الاخر بتمام المدلول حيث كان مدلول الهيئة في الامر عبارة عن البعث والارسال إلى الوجود وفي النهي عبارة عن الزجر عن الوجود، لا انه كان التغاير بينهما في بعض المدلول و جزئه، كما يقتضيه كلام الفصول حسب إشرابه الوجود في مدلول الهيئة في الامر والترك في مدلول الهيئة في النهي، وجعله مدلول الهيئة في الامر عبارة عن طلب وجود الطبيعة وفي النهي عبارة عن طلب ترك الطبيعة. إذ ذلك مضافا إلى ما عرفت سابقا من عراء الهيئة في الأوامر أيضا عن هذه الجهة وعدم دلالتها الا على النسبة الارسالية بين المبدأ والفاعل، نقول بان ذلك مخالف لما هو مقتضى الوجدان والارتكاز أيضا فان في مثل قوله: (لا تضرب) لا يكاد ينسبق من الهيئة فيه الا الزجر والمنع عن الضرب وإيجاده في الخارج، لا انه ينسبق منها طلب ترك
(٤٠٢)