المبحث الثاني: في اجتماع الأمر والنهي قد اختلفوا في جواز اجتماع الأمر والنهي في وجود واحد بجهتين ولكونه مجمع العنوانين على أقوال ثالثها الجواز عقلا والامتناع عرفا وتوضيح المقصد يقتضى رسم أمور:
الأول:
لا يخفى عليك ان المسألة حيث كانت نتيجتها مما تقع في طريق الاستنباط تكون من المسائل العقلية الأصولية، لا من مباديها الاحكامية، فإنه مضافا إلى بعده لا يناسب أيضا ظهور عنوان البحث وهو جواز الاجتماع وعدم جوازه وإلا لاقتضى تحرير عنوانه بالبحث عن لوازم الوجوب والحرمة، ولا من المسائل الكلامية أيضا، إذ ذلك مضافا إلى ما عرفت من النتيجة نقول بان المهم عند الفريقين بعد إن كان في سراية النهي إلى متعلق الأمر وموضوعه عند وحدة المجمع وجودا وعدمه يكون مرجع البحث إلى البحث عن أصل اجتماع الحكمين المتضادين وعدمه في موضوع واحد ومن المعلوم حينئذ عدم ارتباط ذلك بمسألة التكليف بالمحال كي يندرج بذلك في المسائل الكلامية المتنازع فيها بين الأشاعرة وغيرهم، إذ حينئذ على السراية يكون التكليف بنفسه محالا حتى بمبادئه من الاشتياق و المحبوبية باعتبار كونه من اجتماع الضدين في موضوع واحد لا انه تكليف بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف، كما لا يخفى. واما احتمال كونها من المسائل الفرعية فبعيد غايته عن ظاهر عنوان البحث المزبور حيث لا يكاد مناسبته مع كونها مسألة فرعية. وهذا بخلاف مسألة مقدمة الواجب فان الجهة المبحوث عنها في تلك المسألة حيث كانت وجوب مقدمة الواجب شرعا أمكن فيها اندراجها في المسألة الفرعية وإن كان التحقيق في ذلك المقام أيضا خلافه كما عرفت.
ثم إنه مما ذكرنا ظهر أيضا كون المسألة عقلية محضة حيث كانت من الملازمات العقلية الغير المستقلة فكان ذكرها في المقام حينئذ لمحض المناسبة لا انها لفظية كما ربما يوهمه التعبير بالامر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ولذلك يجري هذا النزاع فيما لو كان ثبوت الوجوب والحرمة بغير اللفظ من إجماع ونحوه أيضا، واما القول بالامتناع العرفي فليس المقصود منه دلالة اللفظ على الامتناع بل المقصود منه هو كون الواحد ذي الوجهين واحدا بنظر العرف وإن كان اثنين بحسب الدقة العقلية كما هو واضح.