نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٠
دعوى انصرافها عن مثل هذا الصبي أيضا كما ترى بعيدة غايته، إذ لا يكاد يفرق العرف في شمول تلك الخطابات بين البالغ سنه إلى خمس عشرة سنة كاملة وبين من نقص سنه من ذلك بيوم أو نصف يوم أو ساعة واحدة، بل كان العرف يرى شمول تلك الخطابات لكل منهما وحينئذ فإذا شمل تلك الخطابات لمثل هذا الصبي يتعدى عنه بمقتضى عدم الفصل إلى من هو دون ذلك في العمر إلى أن يبلغ في طرف القلة إلى ست أو سبع سنين فيستفاد من ذلك حينئذ ان الصبي المميز والمراهق كالبالغ في كونه ممن شرع في حقه العبادة على نحو مشروعيتها في حق البالغين من حيث اشتمال عباداته على المصالح الملزمة، غاية الأمر بمقتضى دليل (رفع القلم) يرفع اليد عن جهة إلزام التكليف ويقال بأنه غير مكلف بالايجاد بتكليف لزومي في حال عدم بلوغه، ونتيجة ذلك انما هو سقوط التكليف عنه بالايجاد لو فرض بلوغه في أثناء العبادة أو بعد الفراغ عنها، نظرا إلى استيفائه بفعله حينئذ قبل البلوغ لتلك المرتبة من المصلحة الملزمة الداعية على الامر والتكليف هذا. ولكن فيه انه لا قصور في هذا التقريب لاثبات المشروعية بالمعنى المزبور لولا دعوى كون اعتبار البلوغ في أذهان المتشرعة بمقتضى دليل (رفع القلم) ونحوه في الارتكاز بمثابة يكون من القرائن الخاصة الموجبة لصرف الخطابات إلى خصوص البالغين، كما لعله ليس ببعيد أيضا والا فلا مجال لاثبات مثل هذا النحو من الشرعية أيضا حتى يترتب عليه الاجتزاء به عن فعل الواجب بعد البلوغ فيما لو كان بلوغه في أثناء العبادة أو بعد الفراغ عنها، كما لا يخفى.
المبحث الرابع عشر إذا ورد أمر بشي بعد الامر به قبل امتثاله كقوله: صل، صل، ففي كون الأمر الثاني تأكيدا للامر الأول فلا يجب الا الاتيان بالشئ مرة واحدة أو تأسيسا فيجب الاتيان به متكررا وجهان، بل قولان، مقتضى إطلاق المادة في صرف الطبيعي هو الحمل على التأكيد فإنه من جهة عدم قابليته للتكثر غير قابل لتعلق الطلب التأسيسي به مرتين الا مع التقيد بوجود ثم وجود، كما أن مقتضى إطلاق الهيئة هو كونه للتأسيس الموجب للاتيان به متكررا، فيدور الامر حينئذ بين رفع اليد عن أحد الاطلاقين اما عن إطلاق المادة في
(٤٠٠)
مفاتيح البحث: الصّلاة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»