بعض آخر، وحيث إن الترك من هذه الجهة ملازم مع ترك بقية الحصص صح ان يقال بان ترك كل واحدة من الحصص في ظرف ترك البقية كان تحت المنع وفي ظرف وجود حصة منها كان تحت الترخيص، ونتيجته على ما عرفت هو تحقق الإطاعة والامتثال بإيجاد فرد واحد وتحقق العصيان بترك جميع الافراد.
بل وعلى ما ذكرنا أيضا أمكن المصالحة بين الفريقين بإرجاع القول بالسراية إلى الحصص إلى السراية إليها بحدودها المقومة لنوعها، لا مطلقا حتى بحدودها الخاصة التي بها امتياز حصة عن أخرى، وإرجاع القول بعدم السراية أيضا إلى عدم السراية إلى الحصص لكن بحدودها الخاصة، لا مطلقا حتى بالقياس إلى حدودها المقومة لنوعها إذ عليه يتوافق القولان ويرتفع النزاع من البين، كما هو واضح، فتأمل.
المبحث التاسع في أنه إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز أم لا والظاهر أن المراد بالجواز المتنازع فيه هو خصوص الجواز الاقتضائي الذي هو في ضمن الوجوب والاستحباب والإباحة لا الأعم منه والجواز اللا قتضائي الناشئ من عدم المقتضى للشئ فعلا أم تركا، من جهة وضوح أن مثل هذا المعنى من الجواز بعد ورود الدليل على وجوبه مما يقطع بارتفاعه فلا معنى حينئذ للنزاع في بقائه بعد نسخ الوجوب، كما هو واضح. وإذ عرفت ذلك نقول بأن الكلام في المقام في بقاء الجواز وعدمه يقع تارة في أصل إمكان بقائه ثبوتا، وأخرى فيما يقتضيه الأدلة إثباتا فهنا مقامان:
اما المقام الأول:
فلا ينبغي الاشكال في أنه لا ملازمة بين ارتفاع الوجوب وبين ارتفاع جوازه، وذلك من جهة انه بعد إن كان له مراتب عديدة من حيث أصل الجواز والرجحان الفعلي وحيث الالزام والمنع عن النقيض فلا جرم أمكن ان يكون المرتفع لأجل دليل النسخ هو خصوص جهة إلزامه ومنعه عن النقيض مع بقاء رجحانه الفعلي غير المانع عن النقيض على حاله، كإمكان ارتفاعه حتى بمرتبة رجحانه الفعلي أيضا مع بقائه على الجواز بمعنى تساوى فعله وتركه، كإمكان ارتفاعه حتى بمرتبة جوازه أيضا، وحينئذ فأمكن ثبوتا بقاء كل واحد من هذه المراتب بعد ارتفاع الوجوب بدليل النسخ من