الفردين لغوا محضا، فعلى ذلك حينئذ يتسجل الاشكال بأنه كيف المجال للتخيير الشرعي بين الأقل والأكثر مع كون ذات الأقل واجبة الاتيان على كل تقدير وكون التخيير بين الحدين أيضا عقليا محضا بمناط اللا حرجية، هذا.
ولكن يمكن التفصي عن هذا الاشكال أيضا بأن ما هو طرف التخيير حينئذ انما كان هو الأقل بما هو متقيد بحد الأقلية، فكان لحيث التقيد أيضا دخل في موضوع الوجوب وفي مثله معلوم بداهة كمال المجال لتعلق الأمر المولوي التخييري بأحد الامرين اما الأقل أو الأكثر، وحينئذ فتمام الخلط انما هو من جهة إلغاء حيث التقيد بحد الأقلية عن موضوع الوجوب ولحاظ ذات الأقل عارية عن التقيد المزبور فمن ذلك استشكل بان ذات الأقل حينئذ بعد إن كانت واجبة الاتيان على كل تقدير لا على تقدير دون تقدير فلا جرم لا يبقى في البين الا نفس الحدين الذين عرفت بأنه لا يكون التخيير فيهما إلا تخييرا عقليا بمناط اللا حرجية، وإلا فبناء على ملاحظة مجموع الذات مع التقيد المزبور لا يبقى مجال للاشكال المزبور أصلا، من جهة وضوح ان الأقل حينئذ بوصفه لا يكون واجب الاتيان على كل تقدير، كما هو واضح. وعلى ذلك فمن أخذ الأقل بشرط لا ومحددا بحد الأقلية يرتفع تلك الاشكالات بأجمعها على التخيير بين الأقل و الأكثر، نعم على ذلك يكون مرجع التخيير المزبور إلى التخيير بين المتباينين نظرا إلى مباينة الأقل حينئذ ولو بحده مع الأكثر، فتدبر.
المبحث الحادي عشر في الواجب الكفائي وهو سنخ من الوجوب متعلق بفعل كل واحد من آحاد المكلفين، ومرجعه كما في الواجب التخييري إلى تعلق وجوب ناقص بفعل كل واحد من المكلفين بنحو لا يقتضى الا المنع عن بعض أنحاء تروكه، وهو تركه في حال ترك بقية المكلفين، غير أن الفرق بينهما هو توجه التكليف هناك إلى المكلف بكلا شقي التخيير من جهة كونه نتيجة التكليف التعييني بالجامع بخلافه في المقام حيث إنه بعد عدم قدرة شخص مكلف واحد على كلا الشقين لا يكاد يصح توجيه التكليف التعييني إليه بالجامع بمعناه الاطلاقي القابل للانطباق على فعل نفسه وفعل غيره، ومن ذلك لا يكون التكليف المتوجه إلى