كان بينهما الاتحاد والعينية بالاعتبار المزبور يلزمه قهرا صيرورة كل من الخارج والصور الذهنية متلونا بلون الاخر في مرحلة الاتصاف، فمن ذلك تتصف الصور الذهنية بلحاظ الاتحاد المزبور بكونها ذات مصلحة، كاتصاف الخارج أيضا بالمرادية والمطلوبية، نظير باب الألفاظ بالنسبة إلى معانيها من حيث سراية صفات كل منهما إلى الاخر لأجل ما كان بينهما من الاتحاد، ففي الحقيقة كان هذا الاتحاد موجبا لنحو توسعة في دائرة النسبة في مقام الاتصاف في صدق المطلوبية والمرادية على الخارج وصدق ذي الأثر والمصلحة على الصور الذهنية، وإلا ففي مرحلة العروض لا يكون المعروض للطلب الا العناوين والصور الذهنية كما أنه في طرف المصلحة أيضا لا يكون المعروض لها الا الوجود والماهية الخارجية.
بل وعلى هذا البيان أيضا أمكن المصالحة بين الفريقين بإرجاع القول بالوجود إلى الطبيعة بالاعتبار الثالث الملحوظة خارجية في قبال الاعتبار الثاني لها وهو لحاظها بما هي شئ في حيال ذاتها، إذ على هذا الاعتبار لما كان لا يرى من الطبيعة في ذلك اللحاظ الا الوجود ولا يرى بينهما المغايرة صح ان يقال بان الامر متعلق بالوجود لا بالماهية من حيث هي بإرادة هذا الوجود الزعمي التخيلي لا الوجود الخارجي ولو بجعله بسيطا، فيتحد القولان من جهة رجوعهما حينئذ إلى أمر واحد ولكن ذلك أيضا بالنسبة إلى كلمات السابقين الذين لم يتعرضوا لتفصيل المسألة وأوكلوها إلى ما هو المرتكز في الأذهان، والا ففي كلمات المتأخرين المتعرضين لتفصيل المسألة كصاحب الفصول والكفاية (قدس سرهما) على ما عرفت من مصيرهم إلى إشراب الوجود في مدلول الهيئة في الأوامر لا يجري هذا التوجيه، ولكن قد عرفت أيضا سخافة أصل المبنى في نفسه وعدم إمكان المصير إلى تعلق الطلب بالوجود الخارجي الذي هو نتيجة الطلب ولو بمعنى جعله بسيطا بنحو مفاد كان التامة الذي هو عبارة عن إيجاده وإفاضته على حسب ما تقدم بيانه مفصلا.
نعم لو كان المقصود من الوجود الذي جعلوه متعلقا للطلب في الأوامر هو مفهوم الوجود مرآة إلى الخارج على نحو ما قلناه في الطبيعي لا مصداقه وحقيقته الخارجية لكان يسلم عن هذه الاشكال، إذ لا يترتب عليه حينئذ محذور طلب الحاصل ولا محذور تعلق الطلب و الامر بأمر متأخر عنه رتبة، ولكن نقول بأنه مع بعد ذلك في نفسه لا داعي