نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
الاتصاف بالمصلحة، وبالجملة ان ترتب العقوبة انما هو على ترك الشئ في ظرف الفراغ عن اتصافه بكونه تركا لما فيه الغرض و المصلحة، ومثل هذا المعنى انما يصدق في الصورة الثانية والثالثة، واما في الصورة الأخيرة فلا يكاد صدق ترك المتصف الاعلى أحد التروك فمن ذلك لا يكاد يترتب على تركه للجميع الا عقوبة واحدة، فتأمل.
بقي الكلام في التخيير بين الأقل والأكثر حيث إنه قد يقال بامتناعه واستحالته نظرا إلى أنه بإتيان الأقل ووجوده ولو في ضمن الأكثر يتحقق الواجب لا محالة ويحصل الغرض ومع حصول الغرض وتحقق الواجب به يكون الزائد عليه لا محالة زائدا عن الواجب فيكون خارجا عن دائرة الوجوب فلا يمكن حينئذ تعلق الوجوب به، ولكن فيه انه كذلك إذا كان الأقل مأخوذا بنحو اللابشرط من جهة الزيادة وليس كذلك بل نقول بأنه مأخوذ على نحو بشرط لا بحيث كان لحده أيضا دخل في الواجب وفي حصول الغرض، وعليه فيرتفع الاشكال المزبور حيث لا يكون الآتي بالأكثر حينئذ آتيا بالأقل بحده في ضمنه حتى يتوجه الاشكال المزبور، من غير فرق في ذلك بين ان يكون للأقل الكائن في ضمن الأكثر وجود مستقل بحيث كان هناك تخلل سكون في البين كما في التسبيحات أم لا كما في مثل الخط الطويل الذي رسم دفعة، وذلك من جهة أنه بالتجاوز عن حد الأقل الذي فرض كونه تسبيحة واحدة أو نصف ذراع من الخط مثلا ينتفي الأقل ويكون المأتي به من أوله إلى آخره امتثالا للامر بالأكثر دون الأقل، كما هو واضح.
نعم قد يشكل على ما ذكرنا أيضا بأن الأكثر بعد ان أخذ لا بشرط من طرف الزيادة وقد وجب الاتيان بذات الأقل أيضا على كل تقدير فلا جرم لا يبقى طرف التخيير إلا نفس الحدين وهما الوقوف على الأقل أو التعدي والتجاوز عنه وحينئذ فحيث أنه مع الاتيان بذات الأقل لا محيص له من أحد الحدين ولا يمكنه ترك كليهما يندرج لا محالة في التخيير العملي العقلي بمناط اللا حرجية نظير التخيير بين النقيضين أو الضدين اللذين ليس لهما ثالث لا في التخيير الشرعي من جهة عدم المجال حينئذ لأعمال المولوية بالامر التخييري نحو الحدين، لما ذكرنا غير مرة بان مرجع الامر التخييري بأحد الامرين انما هو إلى النهي عن تركهما معا وهو انما يصح في مورد يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين والا فمع عدم تمكنه من ذلك ولا بدية إتيانه بأحد الامرين عقلا يكون الامر بإتيان أحد
(٣٩٣)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»