والتكليف على بقاء المصلحة الا عقليا محضا لا شرعيا من جهة انه من لوازم بقاء المصلحة والغرض على حاله وحينئذ فالاستصحاب المزبور لا يكاد يجدى شيئا حيث لا يكون المستصحب بنفسه أثرا شرعيا بل ولا موضوعا أيضا لاثر شرعي، واما نفس هذا الوجوب فهو وإن كان أثرا شرعيا الا انه لا يكون ترتبه على بقاء المصلحة شرعيا كما هو واضح.
واما أصالة بقاء الاشتغال بالتكليف الاختياري فهو أيضا غير جارية من جهة القطع بانتقاض الحالة السابقة حال طرو الاضطرار والقطع بارتفاع التكليف الاختياري عند الاضطرار، وحينئذ فبعد ارتفاع الاضطرار كان الشك في أصل التكليف بالفعل الاختياري.
ومن ذلك البيان ظهر أيضا حال أصالة عدم مسقطية الفعل الاضطراري إذ ذلك أيضا مما لا مجال لتوهمه بعد فرض القطع بارتفاع التكليف الاختياري حال الاضطرار، ومن ذلك البيان ظهر فساد مقايسة المقام بباب الماليات فيما يثبت اشتغال الذمة بعين مخصوص و لم يتمكن من أدائها فدفع ما هو بدل عنها ثم تمكن من أداء تلك العين حيث تجري فيها أصالة عدم المسقطية ويحكم بوجوب أداء تلك العين، إذ نقول: بان جريان أصالة عدم المسقطية في المثال انما هو باعتبار ثبوت الاشتغال بالمبدل حين أداء البدل وهذا المعنى لا يتحقق في مثل المقام المفروض ارتفاع التكليف الاختياري حال طرو الاضطرار فتدبر.
واما الاستصحاب التعليقي وهو أصالة وجوب الفعل الاختياري على فرض طرو الاختيار - بتقريب: انه قبل الاتيان بالصلاة مع الطهارة الترابية مثلا يقطع بأنه لو طرأ الاختيار لوجب عليه الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية وبعد الاتيان بها مع الطهارة الترابية يشك في ذلك والأصل يقتضى بقائه، وحينئذ فبعد زوال الاضطرار يحكم بمقتضى الاستصحاب المزبور بوجوب الإعادة - ففيه أيضا ما لا يخفى، إذ نقول: بأنه من المعلوم إجمالا حينئذ عدم جريان هذا الاستصحاب اما من جهة عدم الموضوع له واما لعدم كون البقاء مستندا إلى حيث الاختيار، فإنه على تقدير وفاء الفعل الاضطراري بتمام مصلحة الفعل الاختياري يقطع بسقوط الوجوب والتكليف فلا موضوع حينئذ للاستصحاب المزبور، وعلى تقدير عدم وفائه بتمام مصلحته لا يكون الوجوب المزبور