إلى أدلة الاضطرار وملاحظة كيفية ألسنتها.
وقبل الخوض في هذه الجهة ينبغي بيان ما يقتضيه الأصل في المسألة عند الشك في وفاء الفعل الاضطراري بتمام مصلحة الفعل الاختياري وعدم وفائه بتمامه وعند الشك في مفوتية المأتي به الاضطراري لمصلحة الفعل الاختياري وعدم مفوتيته في فرض إحراز عدم وفائه الا ببعض مراتب مصلحة الفعل الاختياري فنقول:
اما لو كان الشك من الجهة الثانية فلا ينبغي الاشكال في أن المرجع فيه هو حكم العقل بعدم الأجزاء ووجوب الاحتياط كما هو الشأن في جميع الموارد الراجعة إلى الشك في القدرة على الامتثال وتحصيل الغرض، حيث إنه بالفرض قد علم ببقاء مقدار من المصلحة الملزمة من جهة عدم وفاء الفعل الاضطراري بتمام مراتب مصلحة الفعل الاختياري، وانما الشك في القدرة على استيفاء تلك المرتبة من المصلحة باعتبار الشك في مفوتية المأتي به الاضطراري لتلك المرتبة الباقية ولو من جهة مضادته معها وفي مثله يكون المرجع هو الاحتياط عقلا لا غير، كما هو واضح.
واما لو كان الشك من الجهة الأولى بان كان الشك في وفاء المأتي به الاضطراري بتمام مصلحة الفعل الاختياري أو عدم وفائه الا ببعض مراتب مصلحته، فالمرجع فيه أيضا هو الاحتياط، لاندراجه حينئذ في باب التعيين والتخيير باعتبار رجوع الشك حينئذ إلى قيام تلك المرتبة من المصلحة المحتملة للبقاء بخصوص الفعل الاختياري أو بالجامع بين الفعل الاختياري والاضطراري، كي يكون لازمه عدم وفاء الفعل الاضطراري بتمام مصلحة الفعل الاختياري على الأول ووفائه به على الثاني، فيندرج حينئذ في تلك المسألة ويكون من صغريات ذلك الباب وفي مثله لا بد من الاحتياط بناء على ما هو التحقيق في تلك المسألة من مرجعية الاحتياط فيها دون البراءة.
نعم لو أغمض عن ذلك لا بد من البراءة في مثل هذا الفرض ولا ينتهى المجال إلى إثبات عدم الأجزاء ووجوب الإعادة ببعض الاستصحابات كاستصحاب بقاء المصلحة واستصحاب بقاء التكليف بالفعل الاختياري واستصحاب عدم مسقطية المأتي به الاضطراري للتكليف بالفعل الاختياري ونحوها، إذ نقول:
اما الأول - وهو أصالة بقاء المصلحة - فلما فيه من عدم اقتضائه لاثبات التكليف بالفعل الاختياري بعد ارتفاع الاضطرار الا على المثبت باعتبار عدم كون ترتب الوجوب