نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ١٧٠
واما الجواب عن شبهة الجبر فلم يتعرض الأستاذ له تفصيلا خوفا على بعض الطلاب من دخول بعض الشبهات في أذهانهم القاصرة بل وانما أحال الجواب إلى وقت آخر يقتضيه المقام، نعم أفاد في دفع الشبهة وفسادها بنحو الاجمال محيلا ذلك إلى قضاء الوجدان بالفرق الواضح بين حركة يد المرتعش وحركة يد المختار، وهو كما أفاد (دام ظله) حيث نرى ونشاهد بالوجدان والعيان كوننا مختارين فيما يصدر عنا من الافعال وفي مقام الإطاعة والعصيان وان مجرد علمه سبحانه بالنظام الأكمل غير موجب لسلب قدرتنا واختيارنا فيما يصدر عنا من الافعال والأعمال كما يقول به الجبرية (خذلهم الله سبحانه) بل كنا بعد مختارين فيما يصدر عنا من الافعال وان عدم صدور العمل منا في مقام الإطاعة انما هو باختيارنا وعدم إرادتنا الايجاد لترجيحنا ما نتخيل من بعض الفوائد العاجلة على ما في الإطاعة من المنافع المحققة الأجلة الأخروية من غير أن نكون مجبورين في إيجاد الفعل المأمور به أو تركه بوجه أصلا، كما لا يخفى.
وإلى ذلك أيضا يشير بعض ما ورد من النصوص عن الأئمة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين بأن مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ] 1 [ وان كل إنسان في قبله حين ولادته نقطة بيضاء ونقطة سوداء ] 2 [ وكان لقلبه أذنان ينفث في أحدهما الملك وفي الاخر الشيطان () وان لكل نفس مكانا في الجنة هو له إذا سلك سبل الخير ومكانا في النار إذا سلك سبل الشر.
حيث إن افراد الانسان بأجمعها خلقت من نطفة أمشاج ومن رقائق العوالم العلوية والسفلية وخمرت طينته منهما، فبعضهم باختيارهم لما لاحظ المنافع الأخروية ورجحها على ما يتراءى في نظره من اللذائذ الدنيوية الفانية فسلك من هذه الجهة سبيل التوحيد كان سلوكه لسبيل التوحيد منشأ ] 1 [ الحديث منقول بالمعنى ولفظه على ما في صحيح فضل بن عثمان الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام هكذا: (ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه (الحديث). رواه في الوسائل، الباب 48 من أبواب الجهاد، الحديث 3.
] 2 [ في خبر زرارة، قال أبو جعفر عليه السلام: ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء (الحديث) أصول الكافي، ج 2، ص 273 - الوسائل، الباب 40 من جهاد النفس، الحديث 14
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»