نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
الخارجية، وحينئذ فتعلق القصد بها من ناوي الإقامة انما هو من جهة ما يرى بنظره من ترتب وجوب التمام على الإقامة، فإنه بعد ان يرى ذلك يتعلق بها قصده وتتمشى منه الإرادة إلى وجودها وبمجرد تعلق قصده بها يتحقق ما هو موضوع حكم الشارع بوجوب التمام. نعم غاية ما هناك انه لا بد حينئذ من جزم المكلف بانحفاظ وجود الإقامة عشرة أيام خارجا من سائر الجهات لكي يتحقق منه القصد إليها ويتمشى منه الإرادة إلى وجودها، وإلا فبدون الجزم المزبور فضلا عن الجزم بالخلاف وخروجه في الأثناء عن محل الإقامة يستحيل تمشي القصد والإرادة منه إليها بوجه أصلا كما لا يخفى، وحينئذ فصح لنا ان نقول بقول مطلق: بان الإرادة لا تكاد تكون الا لمصلحة في متعلقها.
بقي شئ لا يخفى عليك ان ما ذكرنا من لزوم تبعية الإرادة لمصلحة في متعلقها وامتناع كونها لصلاح في نفسها ليس المقصود منه هو علية مجرد الصلاح في الشئ لتعلق الإرادة به كي يلزمه انه مهما وجد صلاح في فعل أو شئ لا بد وأن يكون هناك إرادة أيضا متعلقة بذلك الشئ كما لعله مبنى القائل بالملازمة، بل المقصود من ذلك هو كون الصلاح في الشئ مقتضيا لتعلق الإرادة بذلك الشئ عي معنى مؤثرية ذلك الصلاح الكائن في الفعل في توجه الإرادة الفعلية بذلك الفعل لولا وجود المانع أو المزاحم في البين.
فحينئذ فإذا كان الصلاح المزبور يتوقف تأثيره الفعلي في الإرادة بعدم وجود المانع أو المزاحم، نقول: بان مانعية الشئ قد تكون في أصل تأثير المصلحة في الإرادة الفعلية بل وفي مباديها من الرجحان والمحبوبية أيضا وقد تكون في تأثيرها في مقام إبراز الإرادة بالامر والبعث نحو المراد لا في أصل الإرادة الفعلية، ويفرض الثاني فيما لو كان القصور من طرف المولى في عدم تمكنه من إبراز مقصده إلى المكلف والمأمور خوفا منه على نفسه أو على غيره، كما يفرض ذلك فيما لو كان عنده عدو بحيث لو أبرز إرادته لعرض عليه الحسد وقتله في الحال، ونحو ذلك من الأمور المانعة عن إبراز المقاصد، كما أنه من هذا القبيل مسألة الدلالة على ولى الله على ما ورد من الأخبار الكثيرة بأن النبي صلى الله عليه وآله كان مأمورا من قبل على نصب ولى الله بالخلافة من بعده لكنه صلى الله عليه وآله خوفا عن خروج الناس عن دينهم لم يظهر ذلك إلى أن نزلت قوله سبحانه يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إلخ. وعلى كل حال نقول: بأنه في مثل هذا الفرض لما كانت الإرادة الفعلية متحققة يجب على المكلف والمأمور عند علمه بإرادة المولى وفعليتها المبادرة بإتيان ما هو مطلوب
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»