في مقام الاخبار ولكن الداعي على الاستعمال المزبور هو إفادة ملزومه الذي هو البعث والطلب، أو لا هذا ولا ذاك؟ بل كان استعمالها في معناها الحقيقي الاخباري وكان الغرض والداعي من الاستعمال أيضا هو الاعلام والاخبار دون الطلب والبعث والارسال كما هو قضية الوجه الثاني، ولكن إعلامه بتحقق الفعل من المكلف انما كان بلحاظ تحقق مقتضية وعلته وهو الإرادة والطلب كما هو الشأن في غير المقام من موارد الاخبار بوجود المقتضى (بالفتح) عند تحقق مقتضية، ومنها باب اخبار علماء النجوم بمجئ المطر وبرودة الهواء أو حرارته فيما بعد حسب ما عندهم من الامارات الخاصة من نحو تقابل الكوكبين وتقارنهما الذي يرونه سببا لتلك الانقلابات. ففي المقام أيضا نقول: بان المولى لما كان مريدا للفعل من المكلف والمأمور وكان طلبه وإرادته للفعل علة لصدوره من المكلف ولو بمعونة حكم عقله بوجوب الإطاعة والامتثال، فلا جرم فيما يرى طلبه متحققا يرى كأنه وجود المقتضى (بالفتح) وهو العمل في الخارج، فمن هذه الجهة يخبر بوقوعه من المكلف بمثل قوله: تعيد الصلاة وتغتسل. فهذه وجوه ثلاثة:
لكن أضعفها أولها من جهة بعد انسلاخها عن معناها الاخباري واستعمالها في الطلب والنسبة الارسالية بل وعدم مساعدته أيضا لما يقتضيه الطبع والوجدان في استعمالاتنا الجمل الاخبارية في مقام الطلب والبعث والارسال، كما هو واضح.
وحينئذ فيدور الامر بعد بطلان الوجه الأول بين الوجهين الأخيرين.
وعند ذلك نقول: إنه وإن كان لكل منهما وجه وجيه ولكن الأوجه هو الوجه الأخير بملاحظة أقربيته إلى الاعتبارية والوجدان و شيوعه أيضا عند العرف والعقلاء من ترتيبهم الآثار على الأشياء التي منها الاخبار بوقوعها بمحض العلم بوجود عللها ومقتضياتها، كما كان من ذلك أيضا اخبار أهل النجوم بتحقق أمورات فيما بعد لعلمهم بتحقق عللها، كما هو واضح. وعلى هذا البيان أيضا ربما كان دلالتها على الوجوب آكد من الصيغة نظرا إلى اقتضاء الاخبار بوجود الشئ وتحققه وجوبه أيضا، بلحاظ ان الشئ ما لم يجب لم يوجد.
فمن هذه الجهة كان الوجوب هو المناسب مع الاخبار دون الاستحباب فإنه لم يكن بتلك المثابة من الناسبة مع الاخبار، وهذا بخلافه في الصيغة فإنها ليست بتلك المثابة من الأكدية في الوجوب من جهة ملائمتها مع الاستحباب أيضا.
نعم ربما يورد على هذا الوجه بعدم مصحية مجرد وجود الإرادة وتحققها للاخبار