الابتدائية بين السير والبصرة، والانتهائية بينه وبين الكوفة، فهاتان النسبتان هما معنى (من، وإلى) وهكذا الحال في سائر الحروف.
وبعبارة أخرى كل جملة - سوأ أ كانت كلاما تاما يصح السكوت عليه أم ناقصا لا يصح السكوت عليه - لا بد وأن تكون مشتملة على نسبة بين أجزائها ورابط يربط بعضها ببعض، لان كل مركب تقييدي - سوأ أ كان ذلك التقييد بنحو الاخبار أم التوصيف أم الحالية أم التمييزية أم الظرفية أم الفاعلية أم المفعولية أم غيرها - يرجع إلى انتساب شئ إلى شئ آخر، سوأ أ كانت تلك النسبة تامة أم ناقصة لا يصح السكوت عليها، مثلا قولك -: قضى زيد صلاته الفائتة يوم الجمعة في المسجد من طلوع الشمس إلى الزوال يشتمل على نسبة بين القضاء وزيد، وهي النسبة الصدورية، ونسبة بينه وبين الصلاة وهي النسبة الوقوعية، ونسبة بين الصلاة والفائتة، وهي النسبة التوصيفية، ونسبة أيضا بين القضاء ويوم الجمعة، وهي النسبة الظرفية الزمانية، ونسبة بينها وبين المسجد وهي النسبة الظرفية المكانية، ونسبة بينها وبين الطلوع، وهي النسبة الابتدائية، ونسبة بينها وبين الزوال، وهي النسبة الانتهائية، وبعض هذه النسب - كما رأيت - مفاد الهيئة، وبعضها الاخر مفاد الحروف.
ومما ذكرنا ظهر أن حال الهيئات حال الحروف بعينها في أنها أيضا لا تدل إلا على أنحاء النسب والارتباطات بين أجزأ موادها على اختلاف أنحاء تلك النسب من الصدورية والوقوعية والقيامية و الحالية والايجادية والطلبية وغيرها - سوأ كانت الجملة - التي لها تلك الهيئة - شرطية أم حملية، خبرية أم إنشائية، فعلية أم اسمية.
والسر في ذلك كله أن كل ما أسند إلى شئ أو قيد ذلك به - على اختلاف أنحاء التقييدات - إذا كان للقيد وجود غير وجود ذات المقيد ولو كان ذلك القيد من الموجودات في عالم الاعتبار، كجميع الأحكام الشرعية - وضعية أم تكليفية - بالنسبة إلى موضوعاتها، فإنه يحتاج إلى وجود رابط بين ذلك القيد وما قيد به، فان كان ذلك القيد من الأمور العينية أي من المحمولات بالضمائم - سوأ أ كان جوهرا