منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢١
المجاز استعمال اللفظ في خلاف ما وضع له، وهذا استعمال في ما وضع له، غايته على غير جهة ما وضع له. هذا ما أفاده في هذا المقام رفع مقامه.
ويرد على الوجه الأول أن الواضع - عنده - هو الله تعالى، وقد بلغ إلى الناس وحيا أو إلهاما أو فطرهم على فطرة بحيث يقدرون على تأدية مراداتهم بإبداع ألفاظ مخصوصة، فلما ذا لا يمكن ان يكون هو تبارك وتعالى اشترط مثل هذا الشرط وبلغه إلى الناس وحيا أو إلهاما؟ فلا غرابة في هذا الاشتراط، بل ليس بأبعد من كون الواضع هو الله سبحانه على ما ادعي، وإن أنكرنا ذلك في محله، فراجع. واما الوجهين الأخيرين فإنما يردان عليه فيما إذا كان هذا شرطا خارجيا بدويا، أما إذا كان غرضا وعلة غائية للوضع - كما هو الظاهر من عبارته - فلا محالة يتحقق تضييق في دائرة ذلك الامر الاعتباري المجعول، لان المعلول لا يمكن أن يكون أوسع من علته، لكن لازم هذا الكلام أن يكون الموضوع له في كل واحد منهما حصة غير الحصة الأخرى. وعلى كل حال فالتحقيق في الجواب أن المتبادر من الحروف - كما سيجئ - هو معنى مخالف بالهوية والذات للمعنى الاسمي، فلا يبقى مجال لأصل دعوى صاحب الكفاية (قده) حتى يستشكل عليه بمثل هذه الاشكالات.
(الثالث) - ان المعنى الحرفي ما ذكره بعض الأعاظم (قده)، وهو أن الموجود الممكني كما أنه في الخارج - على قسمين: (الأول) - وهو الجوهر أعني الموجود المستقل الذي لا يحتاج في وجوده إلى موضوع. و (الثاني) - وهو العرض أعني الموجود غير المستقل الذي يحتاج في وجوده إلى موضوع، بل وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه، كذلك المفاهيم الذهنية في الذهن على قسمين: قسم من قبيل الجواهر الخارجية أي يوجد في الذهن مستقلا من دون حاجة إلى مفهوم آخر، وذلك كلفظة الابتداء والانتهاء والاستعلاء وغيرها من مفاهيم الأسماء، فإنها في عالم اللحاظ تلاحظ مستقلة، سوأ لوحظت معها شئ آخر أم لا، وقسم آخر حالها حال الاعراض الخارجية، كما أن الاعراض لا يمكن ان توجد في الخارج مستقلة وفي غير موضوع،
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»