منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١١٤
عبارة عن نفس الطلب غير المحدود، فكأنه قاس المقام بحقيقة الوجود، حيث أنهم يقولون بأن مرتبة منه غير محدودة وبسيط صرف، وهو وجود الواجب جل جلاله، وهو في غاية التمام ولا نقص فيه و لا حد له أصلا، والمراتب الاخر كلها ناقصة محدودة مركبة من ذات الوجود وحده الذي هو عبارة عن الماهية، فما عدا الوجود الواجبي ممكنات محدودة، ولذلك قالوا: كل ممكن زوج تركيبي له ماهية و وجود.
وأنت خبير بأن هذا القياس في غير محله، لأنه من المعلوم أنه ليس هذا التشقيق باعتبار مفهوم الطلب، لأنه لا يتصف بالنقص والتمام قطعا، فلا بد وأن يكون باعتبار محكي هذا العنوان أي الإرادة التي هي قائمة بالنفس، ففي الوجوب تام غير محدود وفي الاستحباب ناقص محدود، وقد عرفت أنه لا فرق بين الاستحباب والوجوب في كيفية الإرادة من حيث الشدة والضعف والتمام والنقصان، مضافا إلى أن كون الإرادة تامة غير محدودة لا محصل له، لان جميع الموجودات - ما عدا الواجب - محدودة، وحدودها ماهياتها و الإرادة كيفية نفسانية، فهي من مقولة الكيف، فكيف يمكن أن تكون غير محدودة.
واستدلوا لكون معنى مادة الامر الوجوب ب آيات وبعض الروايات، كقوله تعالى:
(فليحذر الذين يخالفون عن امره) لأنه لا يجب الحذر الا في مخالفة الامر الوجوبي، وقوله تعالى: (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) حيث أن التوبيخ لا معنى له إلا على مخالفة الامر الواجب، وكقوله صلى الله عليه وآله: (لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك) ولا شك في أن المنفي هو الامر الوجوبي، والا فالامر الاستحبابي صادر عنه صلى الله عليه وآله قطعا، وقوله صلى الله عليه وآله بعد قول بريرة أ تأمرني يا رسول الله؟: (لا بل إنما أنا شافع) ومعلوم أن المنفي هو الامر الوجوبي والجواب في الجميع - بعد تسليم الدلالة - أن الاستعمال أعم من الحقيقة، وقد أجاب أستاذنا المحقق (ره) عن الجميع بأن هذا من قبيل نفي مشكوك الفردية عن العام بعد القطع بخروجه عنه حكما بأصالة العموم.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»