ان الميزاب مثلا من أفراد الماء على ما ذهب إليه السكاكي في باب الاستعارة، وهذا الاحتمال لا يخلو من بعد في مثل المقام، وان سلمنا صحة ذلك الكلام في ذلك المقام، وذلك للقطع بعدم ادعاء العرف ان الميزاب من أفراد الماء مثلا أو من أفراد المتلبس بالجريان، بل صفة الماء - وهو الجريان مثلا - استند إلى غير ما هو له مجازا بعلاقة الحال والمحل.
هذا تمام الكلام في مباحث المشتق. والحمد لله الذي وفقنا للاتمام، ونشكره على هذه النعمة وهو خير ختام. وبعد هذا نشرع في مقاصد هذا الفن:
(المقصد الأول في الأوامر) وفيه مباحث:
(المبحث الأول فيما يتعلق بمادة الامر) وفيه جهات من الكلام:
(الجهة الأولى) - في أنهم ذكروا معاني عديدة لهذه الكلمة: كالشئ والشأن والشغل و الغرض والحادثة والفعل العجيب والفعل والطلب، فهل هو مشترك لفظي بين هذه المعاني، أو مشترك معنوي بين الكل، أو مشترك معنوي بين عدة منها ولفظي بين جامع تلك العدة وبين ما عداها؟ وجوه بل أقوال.
ثم إنه من المعلوم أن ذكر بعض هذه المعاني له - أي للفظ الامر - من باب اشتباه المفهوم بالمصداق كالفعل العجيب والحادثة، وبعضها يفهم من شئ آخر غير لفظ الامر، كقولك: جئتك لأمر كذا، فإنه يفهم منه الحاجة مثلا أو الغرض من اللام، وعلى كل حال احتمال كونه من قبيل المشترك اللفظي بالنسبة إلى جميع المعاني المذكورة في غاية البعد، وحينئذ يدور الامر بين أن يكون مشتركا معنويا بالنسبة إلى الكل، كما احتمله شيخنا الأستاذ (قده) أو مشتركا لفظيا بين الطلب وبين جامع سائر المذكورات، بمعنى أنه بالنسبة إلى ما عدا الطلب مشترك معنوي واما بالنسبة إليه وما عداه فمشترك لفظي، كما احتمله جمع من المحققين، وان اختلفوا