(وبعبارة أخرى) الاطلاق البدلي في ناحية المطلق كان مقتضيا لتطبيق صرف الوجود من الطبيعة على أي فرد أراد ومقترنة بأية خصوصية كانت. وهذا هو المراد من التخيير العقلي في مقام الامتثال، ولكن هذا التخيير العقلي بالنسبة إلى الافراد حيث لا مانع عن التطبيق ومعلق على عدم مجئ قرينة على الخلاف وعدم بيان على المراد والنهي التحريمي النفسي كاف في البيانية وقرينة على عدم إمكان التطبيق بالنسبة إلى ذلك الفرد. وقد يكون من قبيل النهي عن العبادة، كقوله: (صل ولا تصل في الحمام أو صم ولا تصم يوم العيد) بناء على أن يكون الاطلاق في المثال الأخير إطلاقا بدليا.
والمناط في كونه نهيا عن العبادة أن يكون المطلق عبادة بالمعنى الأخص، والمقيد المنهي عنه أخص مطلقا من المطلق الأعم منه مطلقا (وبعبارة أخرى) يكون بين متعلق الأمر والنهي عموم وخصوص مطلق، وأما لو كان بينهما عموم وخصوص من وجه فان كانت هذه النسبة بين ما هو متعلق الامر ومتعلق النهي كقوله صل ولا تغصب، فيكون من باب الاجتماع. وقد تقدم الكلام فيه تفصيلا فلا نعيد.
هذا ما ذكره شيخنا الأستاذ (قده) ولكن يمكن أن يقال بأنه لو قلنا بأن التركيب في مورد الاجتماع اتحادي فيكون من قبيل النهي عن العبادة، ويكون من القسم الثاني المتقدم مثل صل ولا تصل في الحمام، وليس قسما ثالثا، وإن قلنا بأن التركيب انضمامي كما تقدم فخارج عن الاطلاق والتقييد المصطلح، لان ما هو المصطلح من الاطلاق والتقييد هو أن يكون الأمر والنهي واردين على طبيعة واحدة غاية الامر في أحدهما تكون الطبيعة مطلقة وفي الاخر تكون مقيدة لا أن الامر يكون واردا على طبيعة والنهي على طبيعة أخرى كما في باب الاجتماع، بناء على أن يكون التركيب انضماميا، وقد يكون من باب التعارض، فيجب أن يعمل فيه عمل الدليلين المتعارضين و يرجع إلى قواعد باب التعارض، وذلك فيما إذا كانت نسبة العموم من وجه بين متعلقي المتعلقين للامر والنهي، كقوله أكرم عالما ولا تكرم الفاسق.
وهذا القسم غير خارج عن الاطلاق والتقييد الاصطلاحي، لان الأمر والنهي واردان