على موضوع واحد في المجمع، والتركيب في المجمع اتحادي لا انضمامي ، فما هو مصداق للعالم مصداق للفاسق بعينه. وإن كانا من قبيل الثاني أي كان المطلق والمقيد متوافقين في الحكم، فان كان كل واحد منهما متعلقا للنهي فحيث أن مفاد النهي غالبا هو الاطلاق الشمولي والمطلوب به ترك جميع وجودات الطبيعة، فلا تنافي بين طلب ترك المطلق وترك المقيد أيضا. نعم ذكر المقيد حينئذ يحتاج إلى نكتة وجهة، ولو كانت شدة الاهتمام بتركه وإلا فطلب ترك المطلق بالاطلاق الشمولي يغني عن طلب ترك المقيد ثانيا، فلو قال للمريض مثلا لا تشرب الحامض يغني عن قوله لا تشرب ماء الحصرم ، إلا أن تكون في ذكره نكتة من كونه أضر من سائر الحوامض مثلا.
وأما إن كان كل واحد منهما متعلقا للامر كقوله أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة (فتارة) لا يذكر السبب في كل واحد منهما كما في المثال المتقدم و (تارة) يذكر السبب في كليهما، وما يذكر السبب في كليهما (تارة) مع وحدة السبب، كقوله إن ظاهرت فأعتق رقبة وان ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة و (أخرى) مع اختلاف السبب كقوله:
إن ظاهرت فأعتق رقبة مثلا وإن أفطرت متعمدا في نهار شهر رمضان فأعتق رقبة مؤمنة و (تارة) يذكر السبب في أحدهما دون الاخر.
أما ما يذكر السبب في كليهما مع وحدة السبب، فلا مناص فيه من حمل المطلق على المقيد، وذلك من جهة دلالة وحدة السبب على وحدة المسبب، فحينئذ ذلك الحكم الواحد المجعول لا يمكن أن يكون متعلقه مطلقا لا دخل لخصوصية القيد فيه، ويحصل الامتثال بدونه كما هو قضية الاطلاق، وأن يكون القيد دخيلا فيه لا يحصل الامتثال بدونه كما هو قضية التقييد، فلا بد في رفع هذا التناقض من حمل المطلق على المقيد، وأن المراد من كليهما واحد وهو المقيد.
وأما مع اختلاف السبب فيهما فلا وجه لحمل المطلق على المقيد، بل يستكشف من تعدد السبب تعدد المسبب وأن الحكم المجعول في جانب المطلق غير ما هو المجعول في طرف المقيد، فلا يبقى تناف بينهما حتى يحمل المطلق على المقيد، بل كل واحد منهما محكوم بحكمه.