ولا بعدمها يكون خارجا عن مدلول اللفظ، ويحتاج إثباته إلى التمسك بمقدمات الحكمة، وحيث أنك عرفت ان الحق هو أن الألفاظ و أسماء الأجناس موضوعة للماهيات المهملة، فإثبات الاطلاق يحتاج إلى مقدمات الحكمة، وهي أمور:
(الأول) - أن يكون المورد أي اللفظ والمعنى الذي نريد إثبات إطلاقه قابلا للاطلاق والتقييد، ولا يكون من قبيل الخصوصيات التي تطرأ على الطبيعة بعد تعلق الخطاب بها، فان مثل ذلك المتعلق أو الموضوع بالنسبة إلى مثل تلك الخصوصية الجائية من قبل الخطاب المتعلق به لا يمكن أن يكون مقيدا بها، لان معنى كون المتعلق مقيدا بخصوصية هو تقدم تلك الخصوصية على ذلك الخطاب، لان المتعلق بجميع خصوصياته مقدم على الخطاب المتعلق به، لان نسبة الخطاب إلى متعلقه نسبة العرض إلى معروضه. والمفروض أنها جائية من ناحية الخطاب، فيكون متأخرا عنه فيلزم أن يكون ما هو متأخر عن الشئ مقدما عليه، فإذا امتنع تقييد المتعلق أو الموضوع بها يمتنع الاطلاق أيضا، وذلك لما ذكرنا من أن الاطلاق عبارة عن عدم التقييد في موضوع قابل للتقييد. والحاصل أنه لا يمكن الاخذ بإطلاق متعلق الخطاب أو موضوعه بالنسبة إلى جميع الانقسامات الثانوية كقصد القربة والعلم والجهل بالحكم، وكل ما كان من هذا القبيل.
(الثاني) - أن يكون المتكلم في مقام البيان من الجهة التي نريد أن نأخذ بإطلاقها، وإلا فان لم يكن في مقام البيان أصلا، كما إذا كان في مقام أصل تشريع العبادة كقوله تعالى: (أقيموا الصلاة) أو المعاملة كقوله:
(أحل الله البيع) أو لم يكن في مقام البيان من تلك الجهة، بل كان في مقام البيان من جهة أخرى كقوله تعالى: (وكلوا مما أمسكن) أي مما أمسك كلب الصيد فإنه تعالى في مقام بيان حكم ما أمسك كلب الصيد من جهة كونه مذكى وعدم كونه ميتة لا من جهة طهارة موضع عض كلب الصيد وجواز أكله بدون غسله وتطهيره، فلا يمكن التمسك بإطلاقه من هذه الجهة ثم إن أصالة كون المتكلم في مقام البيان ولو كان أصلا عقلائيا، لكنه