أو لا يكفي؟ هذا في سبق التنجز، بل هو تابع لسبق العلم بالحكم، لأنه المنجز حقيقة، دون العلم بالموضوع، وسبق زمان المعلوم على زمان العلم، إنما يقتضى سبق أثر المعلوم، لا سبق أثر العلم، فإن أثر العلم مقارن له زمانا، كما هو الشأن بين كل معلول وعلته، الحق هو الثاني، وحينئذ فيتعين الفرق بين صورة حدوث العلم، الذي أحد طرفيه الملاقي، بعد العلم الذي حد طرفيه الملاقى، وبين ما إذا تقدم عليه، أو اقترن، ففي الأولى، لا يجب الاجتناب عن الملاقي، لان التنجز مستند إلى العلم السابق عرفا، فيكون الملاقي بلا منجز، وفى الثاني، لا يجب الاجتناب عن الملاقى، لان طرفه قد تنجز بالعلم السابق، فالعلم القائم به، لا ينجز، وفي الثالث، يجب الاجتناب عنهما، لعلية العلم الاجمالي بوجوب الموافقة، من دون ترتب وسبق ولحوق في البين، فظهر إن الرجوع إلى الأصل المسببي في المقام، فيما إذا تعارض الأصل السببي، مسلم، لكن لا بقول مطلق، بل في الصورة الأولى فقط، وإلا فمقتضى علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة، هو التفصيل كما مر، نعم لو قلنا بأن العلم الاجمالي، مقتضى للتنجز لا علة تامة، كان لاطلاق القول بالرجوع إلى الأصل المسببي، وجه كما لا يخفى.
(فرع) إذا تلف أحد طرفي العلم الاجمالي، يقوم الملاقي مقامه في وجوب الاجتناب، إذا كان العلم الاجمالي حاصلا بعد تلف الملاقى، بناء على علية العلم الاجمالي، لوجوب الموافقة، لحصول العلم الاجمالي بالفرض، وعدم علم سابق مانع عن تنجزه، وأما بناء على كونه مقتضيا، لا علة تامة، فهو أيضا كذلك، فيما إذا كانت الأصول الجارية في الأطراف، أصولا غير تنزيلية، كقاعدة الحلية، بناء على إنها من الأصول الغير التنزيلية، وبناء على كون حلية اللازم من آثار حلية الملزوم، فنقول حينئذ إن في صورة عدم التلف، تجري القاعدة في الطرفين، وتسقط بالمعارضة من البين، فتصل النوبة إلى الأصل في اللازم، فتجري بلا معارض، وأما في صورة التلف، فلا وجه لجريان القاعدة في التالف، لعدم صلاحية التالف لجعل الحلية الظاهرية فيه، فتنتهي النوبة قهرا إلى أصالة الحلية في الملاقي، فتقع المعارضة، فتتساقطان، فيؤثر العلم أثره، وأما في الأصول التنزيلية، كالاستصحاب مثلا، فلا شبهة في جريانه، حتى في التالف.
والخارج عن محل الابتلاء، بلحاظ ماله من الآثار التي كانت مورد الابتلاء، فتقع المعارضة لا محالة، فيسقط الأصلان، ويرجع إلى الأصل الجاري في الملاقي بلا معارض،