تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٤٨
الجهات في بحثي البراءة والاشتغال، توجب مزيد الاهتمام به، فيقدمان من هذه الجهة أيضا، ثم إن الأولى في بيان مجرى الأصول، أن يقال أنه إن لم تلاحظ الحالة السابقة، إما أن لا يكون بيان في البين مطلقا، ولو بمثل الأصول الموضوعية، فهو مجرى البراءة، سواء أمكن الاحتياط التام، أو لم يمكن، كدوران الامر بين الوجوب والحرمة والإباحة، وإن تحقق البيان، فمع التمكن من الاحتياط تماما أو بعضا، فهو مجرى قاعدة الاشتغال، وإلا فهو مجرى التخيير، وإن لوحظت الحالة السابقة، فهو مجرى الاستصحاب، فيقع البحث في كل واحد من الأصول.
(القول في أصل البراءة) ومحط البحث فيها هو الشبهات الحكمية التي كان أمر وضعها ورفعها بيد الشارع، بلا فرق بين كون الشك في نفس الحكم مع العلم بموضوعه، أو من جهة الشك في مفهوم الموضوع، أو من جهة الشك في مقدار الموضوع، قلة وكثرة، مع عدم كون المورد ارتباطيا، وأما إن كان ارتباطيا ففيه كلام يأتي في محله، ولا فرق أيضا بين كون الشبهة تحريمية أو وجوبية، والمجتهدون على البراءة في جميع ما مر، والأخباريون على الاحتياط في الجميع، إلا في الشبهة الوجوبية، ولا يخفى إن النزاع بين الطائفتين صغروي لا كبروي، لان من المسلمات بين العقلاء قبح العقاب بلا بيان، كما إنه من المسلمات بينهم وجوب دفع الضرر الأخروي، كما لا شبهة ظاهرا بينهم في تقدم قاعدة قبح العقاب على قاعدة الضرر، لعدم احتمال الضرر في مورد جريانها، وحينئذ فالمجتهد يدعي بأن الشبهات البدوية صغرى لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، والأخباري يدعي إنها صغرى لقاعدة دفع الضرر للعلم الاجمالي بالتكليف، أو من جهة دلالة الاخبار والآيات على ذلك، فعلى المجتهد نفي العلم الاجمالي ونفي دلالة الاخبار والآيات على ذلك، فعلى هذا لا وجه لتمسك المجتهد بقاعدة قبح العقاب، ولا وجه أيضا لتمسك الاخباري بقاعدة دفع الضرر، لأنها من الكبريات المسلمة فيما بين الطرفين، وإنما المهم هو إثبات أن الصغرى من الكبريين، فإذا انتفى العلم الاجمالي، وثبت عدم دلالة الاخبار والآيات على تحقق الضرر الأخروي، فلا محالة يكون الصغرى صغرى لقاعدة قبح
(٤٨)
مفاتيح البحث: الضرر (6)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»