إن قيل ظاهر الحديث رفع الحكم في حال النسيان، ومن المعلوم إن في ظرف النسيان لا يعقل جعل مولوي، فأي شئ يكون مرفوعا في هذا الحال، إذا لم يكن قابلا للوضع فيه، يقال المرفوع إنما هو وجوب حفظ الالتفات بمقدماته الاختيارية، حيث إن للشارع إيجاب حفظ الالتفات، حتى لا يقع المكلف في النسيان، فرفع الوجوب رأفة للأمة.
الثالثة، لا ريب في إن الامتنان قد يقتضي صحة المعاملة، مثلا المعاملة التي أقدم عليها المكلف لاضطراره إليها، لا وجه لبطلانها والحكم بفسادها، لحديث الرفع، لان بطلانها يوجب الضيق عليه، حتى فيما إذا كان اضطراره بسوء اختياره، وقد يقتضي الامتنان عدم صحة المعاملة، كما في مورد الاكراه، فإن مقتضى الامتنان عدم صحة المعاملة المكره عليها.
الرابعة، من التسعة المرفوعة الطيرة والحسد والوسوسة، ومعنى رفع الأول ردعهم عما التزموا على أنفسهم بتطيراتهم المعروفة في عصر الجاهلية، ومعنى رفع الثاني عدم لزوم رفعه بالرياضات والمجاهدات، وإن كان ممدوحا في علم الأخلاق، لكنه ليس بواجب في علم الفقه، ومعنى رفع الوسوسة رفع مرتبتها، ففي هذه الثلاثة مقتضى التكليف كان ثابتا، ولكن رفعه الشارع تسهيلا ورأفة، هذا بعض ما يتعلق بالحديث الشريف، وسنشير إلى بعض ما يتعلق به في المقام المناسب إن شاء الله.
ومنها حديث الحجب وهو قوله عليه السلام: ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم، الحديث، ومعناه إن في كل مورد حجب الله علمه التشريعي عن العباد ولم يبلغ مرامه إليهم، فهو موضوع عنهم، ولو بإيجاب الاحتياط، فمعنى قوله موضوع عنهم عدم إنشاء الحكم في ظرف الجهل، ولو بإيجاب الاحتياط، رأفة للعباد، ورحمة عليهم مع تحقق الاقتضاء لجعل الاحتياط، فالمستفاد من قوله فهو موضوع عنهم، غير ما هو المستفاد من قوله ما حجب الله علمه عن العباد، لان الثاني ناظر إلى عدم إبلاغ الواقع، والأول ناظر إلى عدم جعل الاحتياط حفظا للواقع، فهو مثل حديث الرفع، دال على نفي إيجاب الاحتياط، لكنه أخص موردا من حديث الرفع، لعدم شموله للشبهات الموضوعية، لعدم صدق حجب العلم عنه في مقام التشريع، فيحتاج في التعميم إلى عدم القول بالفصل، نعم لو أريد من حجب العلم حجبه في مقام التكوين، أي لم