القلب بالمنعم وبوسائط رجاء، فهو، وإلا ففي وجوب تحصيل الظن مقدمة لعقد القلب وجه قوى، هذا خلاصة الكلام فيما للظن من الاحكام والأقسام، ومن الله الإعانة، وبه الاعتصام.
المقصد الثالث في مباحث الأصول العملية إعلم إن الشك وعدم العلم بالواقع تارة يكون موردا لجعل حجة، وأخرى يكون موضوعا لاثبات حكم، ولازم الأول هو انقلاب الشك، وعدم العلم بالواقع بواسطة الحجة المجعولة في المورد، بخلاف الثاني، لأن الشك بالواقع إذا كان موضوعا لشئ، فهو لا ينقلب، ولو بعد تحقق ذلك الشئ، وهذا هو الفرق بين الامارة والأصل، من حيث أخذ الشك موردا لحجية الامارة، وموضوعا للأصول العملية، وبعبارة أخرى، إن الامارة رافعة لستار الواقع تعبدا، والأصول العملية وظيفة في ظرف الاستتار، وعدم انكشاف الواقع، فكم فرق بين أن يقول المولى، أيها المكلف عند الجهل بالواقع وعدم العلم به، جعلت خبر الثقة طريقا لك إلى الواقع، وبين أن يقول عند عدم العلم بالواقع وظيفتك العمل بالحالة السابقة، إذ لا حكم لك ظاهرا، فعلى هذا لا تعارض بين الأصل والامارة، بل تقدم الامارة عليه، بلا كلام، لأنه بعد ما كان مورد الامارة هو انعدام الشك في الواقع تعبدا بواسطة الحجة، فلا محالة لا يبقى موضوع للأصل، بل لو قلنا بأن الامارة لا تعدم موضوع الأصل، لتقدمت الامارة عليه أيضا، لان مفاد دليل الامارة حينئذ، إن الحكم الواقعي بيدك أيها المكلف، فالحكم الثابت للشك في الواقع لا مورد له حينئذ، وعلى أي حال يكون مفاد دليل الامارة، أما أن لا جهل لك أيها المكلف، أو أن الحكم الواقعي بيدك، وعلى أي منهما لا مورد لحكم الأصل، ولا معنى لحكومة الامارة على الأصل، إلا هذا، فعلى هذا لا مجال لتوهم التداخل في موضوع الامارة والأصول، لان موضوعهما طولي لا عرضي، حتى يتوهم التداخل، بداهة إن الامارات مجعولة لرفع السترة عن الواقع، والأصول مجعولة في ظرف سترة